منذ إعلان إمارة منطقة مكة المكرمة عن قيام صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن مشعل بن عبدالعزيز نائب أمير المنطقة بجولاته التفقدية لمحافظات المنطقة حتى عادت بي الذاكرة لتلك الزيارة التاريخية التفقدية الاستطلاعية التي قام بها والده صاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن عبدالعزيز رحمه الله أمير منطقة مكة المكرمة الأسبق آنذاك لمنطقة ميسان بني الحارث جنوب الطائف بتاريخ يوم السبت 23 صفر 1389هـ - الموافق 10 مايو 1969م وبتوجيه من جلالة الملك فيصل بن عبدالعزيز رحمه الله للوقوف على طبيعة المنطقة والتعرف على أوضاعها والعمل بعد ذلك على تحقيق متطلباتها واحتياجاتها من الخدمات لتواكب تطوير ونهضة المناطق الأخرى، وذلك قبل أن تصبح ميسان محافظة مستقلة تتبع لإمارة منطقة مكة المكرمة مباشرة منذ عام 1434هـ وتضم كلاً من بلاد بني سعد وثقيف وبني مالك وقد استمرت هذه الزيارة لمدة ثلاثة أيام وشاركه في هذه الرحلة صاحب السمو الملكي الأمير سطام بن عبدالعزيز وكيل إمارة الرياض آنذاك أمير الرياض الأسبق فيما بعد رحمه الله، والأمير فيصل بن مشعل.
كما صحبه فيها عدد من المسؤولين والوجهاء ومنهم الشيخ أحمد يوسف زينل، والشيخ حمود الفهد الرشيد، والشيخ ناصر بن معمر وكيل أمير الطائف، والشيخ ماجد فيروزي مدير عين زبيدة والعزيزية، والدكتور سليمان فقيه مدير الشؤون الصحية بجدة والساحل الغربي، والأستاذ عبدالله الحصين مدير تعليم الطائف، والأستاذ عبدالله المهنا رئيس بلدية الطائف، والمهندس عبدالعزيز غندورة مدير مصلحة الطرق بالمنطقة الغربية، والأستاذ علي السليمان مدير الشؤون الاجتماعية، والأستاذ حمد الشاوي مدير ديوان الإمارة، الأستاذ محمد الحميد مدير مكتب سمو الأمير مشعل، والأستاذ تركي المرزوق من مصلحة العمل والعمال، والأستاذ ناصر راعي القوده عن إدارة تعليم جدة وبعثة إعلامية مكونة من الصحافة الأستاذ عبدالله خياط رئيس تحرير صحيفة عكاظ ومصوره الخاص، ومن الإذاعة والتلفزيون الأستاذ عبدالرحمن يغمور ومصور التلفزيون ومهندس الصوت فوزي عبيد.
وخلال هذه الزيارة تجول سموه في ربوع المنطقة واستقبله الأهالي بحفاوة كبيرة وتسابق الخطباء والشعراء في الترحيب بسموه ومرافقيه وأقيمت له العديد من الحفلات الشعبية في كل من منطقة (الصور) بني الحارث ومنطقة (الشعاعيب) بوسط ميسان التي يتواجد بها أقدم مركز بالمنطقة تابع لإمارة الطائف تم تأسيسه عام 1384هـ.
والتقى سموه بشيوخ القبائل والأهالي وعقد معهم عدة اجتماعات حضرها كبار الأهالي والمسؤولون المرافقون لسموه واستمع منهم الى أبرز احتياجاتهم، كما أعرب سموه عن إعجابه بما شاهده في هذه المناطق من ثروات وخيرات زراعية وطبيعية ووصفها سموه خلال هذه الزيارة بأنها (من جنات الله في الأرض). كما ارتجل سموه عدداً من الخطب أعلن فيها أنه أتى بتوجيه من جلالة الملك المعظم وذلك لتفقد أوضاعكم والوقوف على طبيعة المنطقة واحتياجاتها والعمل على تحقيق كل ما يخدم مصلحة الوطن والمواطنين.
ووقت أن كانت منطقة ميسان في معزل عن الحياة والحركة وتعيش حياة الأرياف الزراعية البدائية أي قبل أكثر من (56) عاماً فقد انحصرت أهم مطالب أهالي المنطقة التي تقدموا بها وناقشها سمو الأمير مع المسؤولين في التوسع في فتح الطرق الزراعية وفتح المدارس والمستوصفات والمستشفيات ومكافحة الأمراض وخاصة الملاريا التي كانت منتشرة آنذاك في المنطقة ومساعدة المزارعين لتحسين منتجاتهم الزراعية وفتح فروع للأجهزة الحكومية المختلفة.
ومنذ ذلك الحين فقد احتلت منطقة ميسان من قلب سمو الأمير مشعل بن عبدالعزيز مكاناً كبيراً لتصبح في سنوات لاحقة وبعد تركه للعمل الحكومي وتفرغه لعمله الخاص من المنتجعات المحببة لسموه التي يقضي بها وقتاً ممتعاً وخاصة في فترة الصيف وأيام عيد رمضان المبارك ولايزال الكثير من كبار السن من رجال هذه المنطقة يذكرون عندما كان يأتي ويقضي أيام العيد بمنطقة (الحدب) المطلة على جبال تهامة والمرتفعة عن سطح الأرض بأكثر من 2000كلم ويقيم مخيماته بها ويستقبل جموعهم فيها، بل كان يأتي في كل عام وهو محمل بالخيرات ويقوم بتوزيع المواد الغذائية والمساعدات المالية على المحتاجين من أهل المنطقة رحمه الله وأسكنه فسيح الجنان، وحفظ لنا قيادتنا الرشيدة الحريصة على خدمة المواطن وراحته وتوفير كل معطيات وسبل العيش الهانئ الرغيد له في كل شبر من هذه البلاد المباركة.
**
mishaalalh94@gmail.com