كان الخبر المؤلم الذي تلقيناه في وفاة كبيرنا وعميدنا الشيخ عويضة محمد الجويان العطوي (أبو كريم) في الثلاثين من رمضان 1445هـ في مدينة جدة تلك المدينة التي عاش فيها عقوداً من الزمن ليكون أول أيام عيد الفطر المبارك يوم مواراته الثرى وليكون المصلون في العيد عقب صلاة العيد يصلون عليه صلاة الجنازة وأصبح صباح ذلك اليوم مختلفاً علينا جميعاً أبناؤه وبناته وأحفاده وأقاربه وأنسابه لنتلقى التعازي في يوم يفرح فيه الجميع ليتحول مجلسه الذي اعتاد استقبال الجميع فيه بالمناسبات السعيدة لمقر عزاء لتلقي تعازي المعزين في وفاته ليبكيه كل من عرفه وعرف نقاء سريرته وصفاء قلبه وطيبته ودماثة خلقه وكرمه والناس شهداء الله في أرضه فهو في مكانة والدي رحمه الله كان حريصاً على عشيرتنا كان يقدم النصيحة لكل من قصده في منزله الذي كان مقصداً لكل من يزوره في جدة ذلك المنزل الذي شرع أبوابه للجميع بل خصص جزءاً منه للسكن لمن يأتي من خارج جدة من أقاربه وأنسابه ومعارفه.
كان رحمه الله عنواناً للكرم في منزله لم يقم أي دعوى مالية في حقوق له على الآخرين وهذا نشهد الله عليه ما عرفته عنه من والدي محمد عايد الجويان وخالي سليمان مسلم الجويان رحمهم الله أبناء عمه كان لديه معرض للسيارات قبل أربعة عقود في شارع الإسكان بجدة وعدد من السيارات تم شراؤها من بعض المعارف ولم يسددوا مبالغها فترك أي مطالبة لهم من نبل أخلاقه وتسامحه وتقديره لظروف البعض وعطفه على من يعمل لديه ومعاملتهم كأبنائه وأستذكر هنا أحد العاملين لديه من إحدى الجنسيات الإفريقية منذ 50 عاماً في خدمات المنزل وكان لحسن تعامله مع هذا الشخص لم يفارقه حتى يومنا هذا وأمن له وأسرته منزلاً ليسكنوا فيه مجاناً حتى يومنا هذا فكان يبلغ أبناؤه يقول لهم (جبريل) وهو اسم هذا المكفول هو أخي الذي لم تلده أمي ومن المواقف التي شهدتها شخصياً تعرض زوجة جبريل لحادث دهس قبل أربعة أعوام وتعرضها لكسور في الظهر واحتاجت عملية في مستشفى خاص وطلب المستشفى مقدماً مبلغ خمسين ألف ريال وحضر ابنها لأبو كريم رحمه الله وكنت جالساً في مجلسه فأمر أحد أبنائه لدفع المبلغ على نفقته خلاف رعايته لكثير من الأسر والأيتام ومساعدتهم.
وأنا اشهد الله على ما كنت وسيطاً فيه وأستذكر إرساله سيارة أجرة جديدة لأحد الأقارب الذي قدمها لهم لمساعدتهم في ظروفهم المادية وبعد وفاة الأب تكفل بمبلغ مالي شهري لهم منذ عقدين من الزمن وحتى وقت مرضه وهو يحرص على ذلك العمل الذي حتى بعض أبنائه لا يعلمون عنه ولا يسعني المجال لسردها لتعددها واستقطاع جزء من أرضه في حي الحرزات في جدة لإقامة مسجد والذي تم افتتاحه قبل شهر رمضان رحمه الله وهذا هو رصيده الآن أمام الله تلك الأعمال.
عرف عنه رحمه الله شاعريته الوطنية وكان أحد المشاركين في مهرجان الجنادرية عام 1408هـ وكانت قصيدته الشهيرة في حادثة الحرم (جهيمان بالحديد مكبلا) قد نشرت في العديد من الصحف المحلية وتلقى عليها خطاب شكر من صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز رحمه الله ومشاركته في قصيدة خلال عاصفة الحزم وتلقى برقيات شكر من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز حفظهم الله إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا على فراقك يا أبو كريم لمحزونون و{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.
**
- عبدالرحمن العطوي