جاء في معنى الوفاء لغة ضد الغدر، يقال: وفى بعهده وأوفى بمعنى، ووفى بعهده يفي وفاء، وأوفى: إذا تمم العهد ولم ينقض حفظه. معنى الوفاء اصطلاحا: الوفاء هو: (ملازمة طريق المواساة، ومحافظة عهود الخلطاء).
قال الله عز وجل: {وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً} (34) سورة الإسراء. وقال تعالى: {وَأَوْفُواْ بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ} (40) سورة البقرة.
وفي السنة النبوية عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان متفق عليه. زاد في رواية لمسلم: وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم.
وقال رسول الله (. . لا دين لمن لا عهد له) (رواه أحمد).
وهو من الصفات الكريمة، والأخلاق الحميدة، وصفة من صفات النفوس الشريفة ومن أعظم الصفات الإنسانية، ومعناه أن يلتزم الإنسان بما عليه من عهود ووعود وواجبات، وهو الاعتراف بالفضل، والمقابلة بالحسنى، ورد الجميل وهو خلق الكرماء الصادقين، فالنفوس الوفية صادقة وكريمة ومعطاءة، مأمونة الجانب، تبذل الغالي والنفيس من أجل بقاء المودة والمحبة بكل أمانة وصدق، تتجاهل الزلات وتعترف بالجميل وتسعى دائما لرده، لا تنسى المعروف ولا تتجاهله، تتغاضى من أجل بقاء حبال الود ممدودة، حريصة على دوام العلاقات وقوتها، تسعى دائما لجمع الشمل لا تفريقه، لا تنقل من الكلام إلا ما هو طيب، حريصة على توحيد الصفوف ودوام العلاقات، والوفاء مهم جدا لتنظيم العلاقات في المجتمع والأسرة بشكل عام وجعلها علاقات قوية مأمونة الجانب، ساعية للخير ودالة عليه، متجنبة للشر والكذب والخيانة، والوفاء بالوعد والعهد هو أساس بناء الثقة بين الناس، فالعلاقات بين الناس تعاونية من أجل تبادل المنافع وعمارة الأرض ولا يتم تعاونهم إلا بمراعاة الوفاء، وحفظ العهود والمواثيق، وانعدام الوفاء هو سبب لتنافر القلوب وانعدام الثقة بين الناس، بينما الوفاء بالوعود هو سبب لحصول الأمن في الدنيا وصيانة الدماء.
وهذه الصفة هي من صفات المجتمع المسلم الملتزم بتعاليم دينه والمتبع لسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وهذه الصفة تدل على سلامة صدر المتصف بها من شوائب الحقد والحسد والغل والضغينة وبها ترتقي المجتمعات وتسود فيها روح المحبة والترابط، يركز فيها الأفراد على الأهداف السامية بعيدا عن أجواء المشاحنات والمناكفات فيشعر فيها الفرد بالراحة النفسية فيرتفع فيها أداءه وتتحسن بها جودة الحياة ويحيا حياة سليمة راقية.
ومن أجمل ما قيل في الوفاء من الشعر للشاعر محمود سامي البارودي:
أسير على نهج الوفاء سجية
وكل امرئ في الناس يجري على الأصل
تركت ضغينات النفوس لأهلها
وأكبرت نفسي أن أبيت على ذحل
كذلك دأبي منذ أبصرت حجتي
وليدا وحب الخير من سمة النبل