سيتوقف قطار الأيام عند بوابة نهاية العام 1445هـ، وقد مر بنا على الكثير من محطات الحياة، وتنقل بنا في العديد من تقلبات الأيام، وتعرجات الزمان.
حملنا على ظهره حقائب الأمل، وحاجات اليوم ومقتنيات الغد، وأغراض المستقبل، وفوق مقاعده جلسنا بصحبة أحلام تأملناها عبر نوافذه؛ لنشاهدها سرابا نحسبه شيئا منها، وعند ممراته تعرفنا على وجوه ألفناها، وقلوب أحببناها، تبادلنا معهم أحاديث المساء، وأشعار الصباح، وانتصارات الماضي، وأمنيات المستقبل، وضحكات العيد، وبشائر الغيث فإذا بنا وعند كلِّ محطة نودع منهم معشراً وعند كل مفترق طرق نفارق منهم جموعاً دفعوا معنا التذكرة، وحجزوا فواتير الإقامة!
لكن توطّأتهم عجلات النهاية، وارتطموا بسكك الخاتمة ، لتكون آخر محطاتهم، وقد استُبدلوا بغيرهم؛ يبدأون من حيث انتهوا، ويقطعون رحلة تلو الأخرى، وطريقا إثر طريق، وعاما تلو عام إلى أن يصلوا برفقتنا إلى توقفٍ (يسير) نجدد فيه باقات تذكرة العبور، ونقتني ما نحتاج للتهيؤ لرحلة عام جديد (نسير) معه؛ لنكمل تلك الرحلة الطويلة إلى حيث يشاء الله.
فاحملوا تقوى الله وخذوها فإنها خير زاد، وأقوى عتاد، وأنتم بها ومعها في ازدياد وتذكروا رحلة الأمس الشاقة فهي خريطة غدكم المنتظر، تجاوزوا عقبات التقصير الماضية بصدق العودة ومداومة التوكل، وحسن العاقبة.
فالرحلة قد تسعك اليوم وتضيق بك غداً!