ترسل جبال وادي قرّان - بلدة (القرينة) - رجالاً إلى الاصقاع لينشروا العلم ويزرعوا الفوائد في أفئدة المتعلمين، ومن أولئك الذين أحمد الله أن وُفقت للتعرف على سيرتهم أكثر هو الشيخ عبدالرحمن المقرن؛ حيث إنه من الرعيل الأول الذين ساهموا في وضع لبنات التعليم في وقتٍ يُعتبر فيهِ التعليم الوزاري في بداية الإزهار والنمو.
ولد الشيخ عبد الرحمن بن محمد بن عبدالمحسن بن محمد آل مقرن في بلدة آبائه وأجداده القرينة وهي إحدى المراكز التابعة لمحافظة حريملاء، وينحدر من سلالة الشيخ القاضي/ محمد بن مقرن الودعاني الدوسري الذي أثنى عليه المؤرخ ابن بشر في تأريخه «عنوان المجد في تاريخ نجد».
تعلم الشيخ عبدالرحمن المقرن القرآن الكريم في بلدته القرينة على يد عدد من المطاوعة والمقرئين حتى ختم القرآن كاملاً وهم: عبدالعزيز بن محمد بن عبدالمحسن المقرن، وعبدالرحمن بن عبدالله السلطان، وعبدالله بن فهد بن صالح المغيصيب، وخاله/ سعد بن حمد المقرن، ولم يتوقف الشيخ عبدالرحمن عند هذا الحد فقد انتقل للرياض لمواصلة التعلم فدرس اللغة العربية والحساب والعلوم الشرعية وحصل على شهادة الليسانس من كلية الشريعة.
انتقل الشيخ عبدالرحمن المقرن إلى حريملاء والتحق بسلك التعليم في مدرسة حريملاء منذ افتتاحها على يد مديرها الأول محمد نور مختار عام 1369هـ، فكان الشيخ عبدالرحمن المقرن من أوائل المعلمين في هذه المدرسة ثم تولى إدارتها في يوم 16-4-1374هـ حسب سجلات المدرسة، والجدير بالذكر أنه حينما كان معلماً في المدرسة تخرج على يده عدد كبير من الطلاب، وقد ذكر الأستاذ القدير/ إبراهيم بن عبدالعزيز السليم في كتابه الفريد من نوعه والمسمى «التعليم في حريملاء» اسم الشيخ عبدالرحمن المقرن معلماً في (صـ 91)، ومديراً في (صـ 93) وذكر الأستاذ السليم طلاب الدفعة الأولى الذين تخرجوا على يد الشيخ المقرن وزملائه.
فمن زملاء الشيخ عبدالرحمن بن محمد المقرن في بدايات مدرسة حريملاء الابتدائية والتي اتخذت من قصر ابن دغيثر في حلة الوسيطا مقراً لها الآتي: سليمان بن عبدالعزيز المهيزع صاحب كتاب (خواطر وذكريات حول التعليم في المملكة العربية السعودية، ولسليمان هذا مواقف مشهودة منها سعيه مع رفقاه في استصدار أمر افتتاح معهد المعلمين بحريملاء، وعبدالعزيز الدعيج من أهالي مرات، وعبدالله الدحيّم (الكاتب المعروف لكثير من وثائق حريملاء).
وكما أسلفنا أن جميع أبناء أهالي حريملاء درسوا عند الشيخ عبدالرحمن المقرن ومنهم على سبيل المثال لا الحصر الداوود، وآل مبارك، وآل براهيم، وآل دهمش، والربيعة، وآل زهير، والبدر، والخريف، وآل غدير، والعيدان، والتريكي، والسليم ، وآل صالح، والقضيب، والمشعل.
وها هو الشيخ المقرن في حياته يسطر أروع أنواع الأمثلة للقدوة في خدمة العلمية التعليمية، من إنجازاته تأسيس وافتتاح مدرسة القرينة الابتدائية بتكليف من مدير التعليم الأستاذ عبدالله النعيم الذي نفذ أوامر الملك رحمه الله في نشر المدارس.
وكان الشيخ المقرن يقرأ في كتابٍ على قاضي الشعيب عبدالرحمن بن سعد في جامع حريملاء ثم يشرح الشيخ ابن سعد ويفسر للمصلين وللطلبة المجتمعين.
وبعد مغادرة الشيخ المقرن حريملاء، افتتح صفحةً جديدة من حياته ليلتحق بإمارة منطقة الرياض حيث كُلف مستشاراً شرعياً بها وذلك لنبوغه وثقة ولاة الأمر من آل سعود - حفظهم الله - في شخصه الكريم. فطبت يا شيخ عبد الرحمن وطاب مسعاك، وهذه المقالة ماهي إلا بداية انطلاقه لسبر غور شخصية هذا العلم.
تقول الوثيقة المرفقة: المكرم/ مدير مدرسة حريملاء، بعد التحية، ( ) العام الدراسي وشيك الانتهاء، ومدرستكم لاشك أنها زاولت نشاطاً ثقافياً واجتماعياً؛ لذا نرغب منكم كتابة تقرير مفصّل عن النشاط الثقافي والاجتماعي، وليكن ذلك سريعاً.. مدير التعليم في نجد (توقيع).
أقول: مدير مدرسة حريملاء هو الشيخ محمد المقرن، ومدير التعليم في نجد في ذلك الحين هو إبراهيم الحجي.
هذه وثيقة أخرى مرسلة إلى مدير مدرسة حريملاء عبدالرحمن المقرن من إبراهيم الحجي مدير التعليم في نجد ويتفضل فيها الملك سعود رحمه الله بأمر بناء مدارس في مناطق المملكة.
المصادر:
1- ابن المترجم له/ عبد المحسن بن عبدالرحمن المقرن حفظه الله.
2- الوثيقتان المرفقة مصدرهما: الشيخ الفاضل/ محمد بن راشد الزهير - مدير مدرسة حريملاء سابقاً.
3- كتاب التعليم في حريملاء قديماً وحديثاً لمؤلفه الأستاذ / إبراهيم بن عبد العزيز السليم، 1411هـ.
4- مسودة كتاب: مدرسة حريملاء الابتدائية - تاريخ وأوراق من تأليف: فهد بن سعد الدهمش.
** **
- بقلم: فهد بن سعد الدهمش