مؤتمر الإبل في الثقافة العربية لم يكن حدثًا عاديًّا، بل لوحة فنية رسمها العلم والفكر والانتماء العميق، كان حكاية أصالة تروى، تستحضر أجمل معاني الصحراء التي تحكي عن تاريخٍ عريق وتراثٍ خالد، إنه المكان الذي جمع العلماء والباحثين والمبدعين في قلب جامعة الملك سعود، تناولت أبحاثهم ودراساتهم أحد أهم الرموز الثقافية التي حفلت به الذاكرة الجمعية للإنسان العربي، «الإبل» التي كانت ولا تزال رمزًا للصبر والقوة والتحمل في الثقافة العربية.
تكاملٌ تجلى في التفاصيل، وهو ما ميز مؤتمر الإبل، فإلى جوار الجلسات العلمية المنظمة حضوريَّا وافتراضيًّا على مدار ثلاثة أيام بتنوع فريد لموضوعات الأوراق العلمية، نجد أدق تفاصيل الجمال والاهتمام في المعرض المصاحب، ابتداء من اختيار الثيمات التراثية الوطنية التي كست جدران المعرض، مرورا بالفعاليات الثقافية التي كانت تحتفي بالموروث الشعبي طيلة أيام المؤتمر، وتفعيل الشراكات المجتمعية مع جهات متعددة، وانتهاء بحضور الروبوت «سعود» الذي جسد التقنية من أحدث صورها، وأبرز رموزها.
إنه مهرجان ينبض بالروح العربية الأصيلة، فالزائر لا يرى آثار ومجسمات الإبل فقط، بل يعيش تجربة متكاملة تستحضر الماضي بكل جمالياته وتعيش الواقع بأجمل تقنياته.
كان ملتقى ثريًّا يحمل الهوية العربية، فرسالة المؤتمر لم تقتصر على الجانب التراثي فقط، بل تعدته لتصبح منصة تجمع مختلف المشاركات المحلية والعربية، حضور دولي يعكس احترام العالم للإبل كموروث ثقافي إنساني، ويبرز دور المملكة العربية السعودية حاضنة لهذا الإرث، حيث تتحول الصحراء إلى مسرح عالمي يعرض تاريخ الإبل وعالمها الأندر والأجمل.
ولم تكن المنافسة في تغطية المؤتمر لمجرد الفوز! بل هي احتفاء بمكانة الإبل، وتقدير لجهود كوادر جامعة الملك سعود في إعداد المؤتمر والمعرض المصاحب، وذلك بتخليد أنبل المشاعر عبر التقاط أجمل صورة، مما يعكس مدى الاهتمام بالمنجز المقدم.
لقد جسد مؤتمر الإبل رسالةَ علم وثقافة وفخر بتراثٍ لا يندثر، وكان فرصة للتأمل في الأيقونة التي جمعت بين الماضي والحاضر، وأكد أن الإبل -لدى العربي- ليست مجرد مخلوقات، بل هي ذاكرة التاريخ ورمز الأصالة والكرامة العربية التي نفاخر بها.
** **
- د. نجوى الكحلوت