فضل بن سعد البوعينين
أكثر من 122 مليون معتمر وزائر، قصدوا الحرمين الشريفين خلال شهر رمضان 2025، منهم 16.5 مليون معتمر، و75.5 مصليا في المسجد الحرام، فيما بلغ عدد المصلين في المسجد النبوي 30 مليون مصل. أعداد كبيرة تواجدوا في مساحة ضيقة، وفي فترة زمنية لم تتجاوز الثلاثين يوما.
وفي المسجد الحرام، كانت كثافة المعتمرين والمصلين هي السائدة، حيث بلغت 75.5 مليونا، ويخيل للمتابعين، بأن النسبة الأكبر من المصلين هم من المقيمين في المسجد الحرام، والساحات المحيطة به.
القدرة الاستيعابية، وإدارة الحشود، من التحديات التي لا يمكن تجاوزها مع تواجد هذه الأعداد الكبيرة، غير أن مشروعات التوسعة المتعاقبة، وآخرها التوسعة الثالثة، أسهمت في رفع القدرة الاستيعابية بشكل كبير، ما ساهم في تمكين المعتمرين والمصلين من أداء عباداتهم بكل يسر وسهولة.
في تصوير فضائي مهم للأقمار الاصطناعية، وثقت مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، مراحل توسعة المسجد الحرام خلال العقدين الماضيين، حيث أبرزت بجلاء حجم التوسعات المتعاقبة والمنفذة لخدمة ضيوف الرحمن، التي تعكس الاهتمام الكبير الذي يحظى به المسجد الحرام، والساحات المحيطة به، من قيادة المملكة، وحكومتها الرشيدة.
بفضل الله، ثم بالجهود المباركة، تحول المسجد الحرام إلى تحفة معمارية فريدة، يجمع بين جمال التصميم، والتنفيذ، وجودة المخرجات، والقدرة الاستيعابية الهائلة التي إستوعبت أكثر من 93 مليون معتمر ومصل في ثلاثين يوما، وأكثر من أربعة ملايين مصل ومعتمر في ليلة واحدة، وهي ليلة 29 رمضان.
أسهمت التوسعة الثالثة في إضافة مساحة مقدارها الثلثان مقارنة بـالمساحة السابقة للمسجد الحرام، وزادت تكلفتها عن 200 مليار ريال، وهناك بيانات ترجح أن التكلفة الكلية، بما فيها تكلفة امتلاك العقارات ربما بلغت 375 مليار ريال (100 مليار دولار).
تكاليف ضخمة إلتزمت بها المملكة، وجعلت لها أولوية الإنفاق.
يصنف خبراء المال الإنفاق على المشروعات، ضمن الإنفاق الاستثماري، وتصنف قيادة المملكة إنفاقها على الحرمين الشريفين، ضمن أعمالها الجليلة التي تخدم بها الإسلام والمسلمين، وتتقرب بها إلى الله طلبا للأجر والمثوبة، وطمعا في العوائد الربانية، لا الدنيوية، وهذا ما لا يدركه الكثير ممن ينظرون لمواسم الحج والعمرة من منظور اقتصادي، ومالي صرف! إدارة الحشود، من مقومات نجاح عمرة رمضان، وهو ما تميزت به المملكة خلال أعوام من الخبرات المتراكمة، في إدارة مواسم الحج والعمرة ومعالجة التحديات، ووضع البرامج والخطط المناسبة لضمان سلامة المعتمرين والمصلين وتمكينهم من أداء عباداتهم بكل يسر وطمأنينة وأمان.
كان للتقنية دور مهم في إدارة الحشود، ومنها استخدام الأنظمة الذكية في إدارة الحشود، والتطبيقات الإلكترونية لخدمة المعتمرين، التي أسهمت في تحسين الخدمات، وتعزيز كفاءة التنظيم، والرقابة الأمنية، وتسهيل عمليات الإشراف والمتابعة والإدارة الشاملة للمسجد الحرام.
وكان للجهات الأمنية، ورجال الأمن، الدور الأهم في تحقيق امن وسلامة المعتمرين والمصلين، وتفويج المصلين والمعتمرين وتوجيههم، وضمان انسيابية الحركة، وتوفير الأمن والسلامة لهم.
منظومة أمنية متكاملة وشاملة، عملت بجد وإخلاص لتحقيق أمن ضيوف الرحمن، وتسهيل أدائهم النسك، والمساهمة الفاعلة في تحقيق النجاح الاستثنائي لموسم العمرة.
جهود حكومية مشتركة، ومتكاملة، واهتمام ومتابعة دقيقة من سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، بتوجيه من خادم الحرمين الشريفين، وإدارة أمنية محترفة أرست قواعد العمل المتقن في الحرمين الشريفين، ما أسهم في تحقيق النجاحات المتتالية، وضمان أمن وسلامة المصلين والمعتمرين.
لم يقتصر الأمر على التوسعة، والإدارة المتقنة للحشود، وجهود رجال الأمن، فقد كان للخدمات المتنوعة المقدمة للمعتمرين أكبر الأثر في تيسير العمرة على شريحة عريضة من المستفيدين، ومنهم كبار السن، وذوو الاحتياجات الخاصة، والنساء والأطفال، الذين وجدوا في خدمات الطواف والسعي المتنوعة، ومنها عربات الغولف، الراحة والسكينة، ووجدوا في الخدمات الصحية واللوجستية عموما، العون والحماية التامة.
نجاح استثنائي، تحقق في موسم عمرة رمضان، عكس جهود المملكة الاستثنائية في خدمة الحرمين الشريفين، وتسخيرها كافة الإمكانات المالية، البشرية، والتكنولوجية الحديثة، لتقديم أرقى الخدمات، وأجودها، لضيوف الرحمن.