كفارة الغيبة
* هل للغيبة كفارة؟
الغيبة وهي ذكرك أخاك بما يكره، مُحرَّمة بالكتاب والسنة وباتفاق أهل العلم، وكفارتها أن تذهب لمن اغتبتَه وتستحِلَّه عن وقوعك في عِرضه، هذا إذا لم يترتب على ذلك مفسدة أشد وأعظم، فإن ترتب على ذلك مفسدة فيُرجى أن يعفو الله عنك إذا دعوتَ لمن اغتبتَه، وأكثرتَ من ذكر محاسنه في المواطن التي اغتبتَه فيها؛ درءًا للمفسدة الناشئة؛ لأن بعض الناس لا يتحمل مثل هذه الأمور، وبعض الناس سَمْح سَهْل، يمكن أن يبيحك عمَّا فعلتَ بسهولة، فإذا كان من هذا النوع فإنك لا بد أن تذكر له أنك اغتبتَه وتطلب منه أن يسامحك عما وقعتَ في عِرضه، وإذا كان من النوع الثاني الذي لا يقبل هذا الأمر ويترتب عليه قطيعة وهجرانا، وقد يترتب عليه بعض المفاسد التي لا تُحمد عقباها، فمثل هذا يُكتفى بالدعاء له ونشر محاسنه في المجالس والمجامع التي اغتبتَه فيها. مع أنه جاء عن بعض السلف أنه ألزم نفسه بأنه كلما اغتاب شخصًا أن يتصدّق بدرهم، ولا يُدرى من أين أخذ هذا الحكم، إنما هو مجرد إلزام نفسه ليترك الغيبة، وإلا فليس بكفارة؛ لأن هذا حق مخلوق، فلا يكفي فيه مثل هذه الصدقة، ومع ذلك هانت عليه الصدقة واستمر في الغيبة، فعاهد نفسه مرة ثانية أنه كلما اغتاب شخصًا أن يصوم يومًا، فترك الغِيبة، ولكن مثل هذا ليس له أصل فيما نعلم إلا أنه من باب أن يُلزم نفسه ألَّا يتساهل في الغِيبة وليس هذا بكفارة.
* * *
شراء الوكيل بمال الزكاة مواد غذائية للفقراء بدون علم المزكِّي
* هناك رجل أعطى زكاة ماله لشخص؛ كي يوزِّعها على الفقراء، فقام الوكيل واشترى بها مواد غذائيةً بدون علم صاحب الزكاة، فما الحكم في هذا الأمر؟
هو إن كان نائبًا عن الغني المُزكِّي؛ فلا يجوز له أن يتصرَّف في المال، ولا يجوز له أن يؤخِّرها عن يومها، أو الذي يليه، أو ثلاثة أيام على الأكثر، أما إذا كان نائبًا عن الفقراء، بأن وكَّله الفقراء لقبض الزكوات لهم؛ فيفعل الأصلح لهم.
* * *
كيفية بر الوالدة بعد وفاتها
* تُوفيتْ والدتي -رحمها الله-، فكيف أَبرُّها بعد وفاتها؟
في (سنن أبي داود) عن أبي أُسيد مالك بن ربيعة الساعدي قال: بينا نحن عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:إذ جاءه رجل من بني سلمة، فقال: يا رسول الله، هل بقي من برِّ أبويَّ شيءٌ أبرُّهما به بعد موتهما؟ قال: «نعم، الصلاة عليهما، والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما من بعدهما، وصلة الرحم التي لا تُوصَل إلا بهما، وإكرام صديقهما» (5142)، وفي (صحيح مسلم) عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة: إلا من صدقةٍ جاريةٍ، أو علمٍ ينتفع به، أو ولدٍ صالحٍ يدعو له» (1631)، والله أعلم.
** **
يجيب عنها معالي الشيخ الدكتور/ عبدالكريم بن عبدالله الخضير - عضو هيئة كبار العلماء، وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء -سابقاً-