تتميّز المنظمات الرّابحة عن الخاسرة من خلال نجاحها في تعليم الأشخاص أن يكونوا قادةً فاعلين، فالقادة العظماء هم معلّمون عظماء، والمؤسسات لا تنجح على المدى الطويل بسبب كفاءاتها الأساسية أو استخدام أدوات الإدارة الحديثة فقط، بل لأنها تجدد القيادة على جميع المستويات على نحو مستمر.
ويقول المؤلفان، إيلي كوهين (مدير أبحاث في جامعة ميتشيغان، كلية إدارة الأعمال)، ونويل تيشي (أستاذ السلوك التنظيمي وإدارة الموارد البشرية والمدير الأكاديمي لشراكة الأعمال العالمية في كلية إدارة الأعمال بجامعة ميتشيغان) في كتابهما «كيف يطوّر القادة قادة آخرين» إن كلاً من شركة إنتل، وشركة بيبسيكو، وشركة جنرال إلكتريك، أثبتت أن المنظمة تربح من خلال تطوير القادة على جميع المستويات، حيث كان تطوير القادة على جميع المستويات أولوية بالغة الأهمية، كالاهتمام بالمنتجات الجديدة والعملاء الجدد والميزة التنافسيّة، وأن القادة في هذه المنظّمات قاموا شخصيًّا بتطوير الآخرين بدلاً من تكليف استشاريين أو أساتذة بأداء المهمة.
إن تحدي وجود قادة يقومون بتطوير قادة آخرين له آثار عميقة على رؤساء الأعمال والمديرين التنفيذيين وموظفي الموارد البشرية.
ولكي يطور القادة قادة آخرين، يجب على الرؤساء التنفيذيين والمديرين إعادة النظر بالكامل في أكثر أدواتهم دقة، ألا وهي عامل الوقت. إذ يجب عليهم الاضطلاع بدورٍ فاعلٍ في تطويرِ وجهة نظرهم القابلة للتعلم وفي تدريب الناس. وقد ينطوي ذلك على قضاء 100 يوم في تشغيل برنامج كما فعل المدير التنفيذي لشركة بيبسيكو (PepsiCo) روجر إنريكو (Roger Enrico)، أو قد يتضمن تأليف الكتب والتدريس بانتظام مثلما فعل الرئيس التنفيذي لشركة إنتل (Intel) آندي جروف (Andy Grove)، أو قد ينطوي على استخدام منتديات الأعمال كمناسباتٍ تعليمية كما يفعل جاك ويلش (Jack Welch) في شركة جنرال إلكتريك (General Electric)، أو قد يعني ذلك اقتناص اللحظات الملائمة للتعليم كما فعل الأدميرال البحري سميث (Smith) مع خرّيجي القوات البحريّة الخاصة الأمريكية «سيلز» (SEAL).
ويتعيّن على الرؤساء التنفيذيين وموظفي قسم الموارد البشرية وغيرهم ربط مبادراتهم الرّامية إلى تطوير القادة مع الأولويات العاجلة لأعمالهم، فيما يجب على موظفي قسم الموارد البشرية، أن يتغيّر دورهم في تطوير القادة، حيث لم يعد بإمكانهم أن يكونوا المتعهدين الذين يطوّرون قادةً لجهات أخرى، أو وكلاء شراء الخدمات الاستشارية التي تهدف إلى القيام بالشيء نفسه، فتلك الوعود أصبحت في كثير من الأحيان وعودًا جوفاء.
إن أكثر التجارب قوّة هي عندما يُدَرِّسُ القادة وجهات نظرهم الخاصة، إذ لا يمكنك أن تعطي القادة مجموعة من شرائح العرض وتطلب منهم أن ينطلقوا.
وعلى القادة أداء أمريْن: أحدهما تطوير وجهة نظر قابلة للتعلم، والآخر إنشاء قصة موجهة نحو الأعمال المرتبطة بتجاربهم بصفتهم قادة. ويمكن للقادة تطوير وجهات نظرهم في أربعة مجالات قياديّة حاسمة هي: الأفكار والقيم والحدّة والطاقة.
فأي مشروع تجاري يبدأ أولاً بطرح أفكار حول الخدمات أو المنتجات المطروحة في السوق، إذ إن هذه الأفكار تمكّن هذا المشروع من إنتاج القيم وإيصالها إلى العملاء. كما تمتلك المنظمات الرابحة قادة قادرين على التعبير عن القيم بوضوح، وتشكيل القيم التي تدعم الأفكار التي تخص العمل، وتؤثر عليه.
أما فيما يخص الحدّة، فالقيادة هي اتخاذ القرارات الصعبة التي لا تحتمل الحلول الوسط. فالقادة الرابحون يواجهون الواقع، ويتّخذون القرارات بشأن الناس والمنتجات والأعمال والعملاء والمورّدين. فهم لا يتردّدون، وهم على استعداد لاتخاذ القرارات بناءً على معلومات ناقصة. وبشأن الطاقة: دائماً ما يكون القادة الرابحون مُتحفزين، ويحفِّزون الآخرين على التغيير والانتقال. لذا يجب على القادة تعليم الناس كيفية بث الطاقة في الآخرين وجهًا لوجه ومن خلال الجهود التنظيمية واسعة النطاق.
لدى القادة الذين يمتلكون وجهة نظر آراءً حول وضع الميزانية والتخطيط واستثمار رأس المال والكثير من الأشياء الأخرى. ويتّخذ القادة العظماء وجهة نظر معينة ويستخدمونها كمنصّة انطلاق للعمل. حيث يُشرك القائد أناسًا آخرين من خلال ترجمة وجهة نظره إلى قصةٍ ديناميكية. لذلك فإن مقدّمة أي قصّة عن القيادة يجب أن تنبع من السياق العام للعمل لأن هذا هو المكان الذي يرتبط فيه الجميع بعضهم ببعض.
أخيراً، التحدي الرئيس لكبار المسؤولين التنفيذيين الآن هو إنشاء شركة تنجح باستمرار، وجعْل هذه الشركة أكثر شبابًا كل يوم من خلال تجديد وتنشيط الموظفين.
** **
@aboodalzahim