ضمن المبادرات الرامية إلى تحقيق المصلحة الفضلى للسكّان يتم اتّباع نهج شامل للصحّة العامّة يعتمد على أحدث التقنيّات من خلال تعزيز النظم الصحيّة،ضمن منطق الحق في الصحّة لكل إنسان، ودون تمييز.
ولا شك أن ترشيد استخدام الدواء أولويّة في إطار تعزيز النظم الصحيّة، وبذلك تأتي السياسات الدوائية لتمثّل وفاءً معرفيّاً وبرامجيّاً لأولويّة تتمثّل في إتاحة الأدوية وفق أعلى المواصفات المعياريّة، ولجميع الناس وفي جميع المنشآت الصحّيّة، ويشتمل وضع السياسة الدوائيّة على تشخيص التحدّيات، وتحديد الأولويّات، والعمل مع الشركاء في وضع التوجّهات الإستراتيجيّة للسلامة الدوائيّة من جانب، ولتوافرها وفق مقاييس الجودة من جانب آخر، نحو الخروج بقائمة التدخّلات الأكثر أولويّة، وبما يلبّي الاستجابة للعبء المرضي ويغطّي الأمراض المعدية والمزمنة معاً.
ويأتي إطلاق أي وثيقة سياساتيّة ترجمةً للإجراءات الإداريّة والبرامجيّة واللوجستيّة والتمويليّة ضمن بعد الحوكمة، وفي إطار مؤسسي يضمن الاستمراريّة. كما أنّ للسياسة الدوائيّة بعداً مؤسّسياً في ضبط التدخّلات، وترشيد الاستخدام، نحو الاستفادة المثلى من الخطّة العلاجيّة، ومنع مقاومة المكروبات للأدوية، وإنفاذ متطلّبات فحص وتحليل الأدوية بشكل كامل، وبحسب معايير الجهات ذات العلاقة. ويستلزم العمل وفق وثيقة السياسات الدوائية تعزيز إجراءات الرقابة والتفتيش، وتحديث آلية عملها، وفق استمارة ضمان الجودة، وأتمتة جميع الأنشطة الدوائيّة. ويستلزم ما ذكر تمكين المؤسسات الصحيّة من تلبية احتياجات المرضى، من خلال رفع أهليّة الأطر البشريّة نحو تنظيم الوضع الصيدلاني، وتحقيق الأمن الصحّي من خلال إتاحة الأدوية المأمونة.
وبالتالي فإنّ ما نقدّمه من معرفة، وما نستثمر فيه من عمل، هو متوجّه أساساً إلى تخفيف المعاناة،وتذليل الصعوبات، من خلال تحسين أداء المنشآت الصحيّة، ورفع قدرتها في مختلف الجوانب بما في ذلك الترشيد الدوائي، وهو ما ينبغي تحقيقه بتغليب إرادة البناء والاستجابة للتحدّيات.
وكما سبق فإنّ مقاومة الأدوية تمثّل إحدى التحدّيات الرئيسيّة ضمن أي سياسة دوائيّة مع انخفاض فاعلية الدواء لعلاج الأمراض، ومقاومة المضادات الحيوية، وهو الأمر الذي يزداد اختطاراً في مختلف أنحاء العالم، ويهدد قدرتنا على علاج الأمراض بأنواعها، ومنها تلك المعدية الشائعة، ولذلك فإنّ فهم الآليات البرامجيّة لتقدير التفاصيل الكامنة وراء مقاومة المضادات الحيوية والأدوية العلاجية الأخرى سيساعد في اتّخاذ إجراءات معياريّة، كما أنّ لهذا الجانب دوره في تطوير أدوية جديدة للحد من المقاومة المتزايدة للأدوية، من خلال توافر البيانات المعلوماتية الحيوية، واتّباع المنهج التجريبي في البحث العلمي المستند إلى سياسة دوائيّة معتمدة.
إنّ مما يعين على تحقيق الترشيد الدوائي، والحد من مقاومة المكروبات للأدوية، تطبيق المعلوماتية الحيوية، ضمن ممارسة بحثيّة تساند في تطوير الأدوية العلاجية، وتحسين أمدية استخداماتها لعلاج الأمراض المعدية وغير المعدية معاً.
ولاشك أنّ مصلحة الإنسان هي الدافع لذلك، والصحّة مسؤوليّة على الجميع كما هي حق للجميع.