توارث أهل القصيم مثل غيرهم من أبناء هذه البلاد المباركة عادة حميدة وهي الكرم وفتح المجلس حتى لترى المجلس الواحد يغشاه الناس لأكثر من مرة في اليوم وما زالت هذه العادة الطيبة موجودة في منطقة القصيم، حيث توجد مئات المجالس تفتح أبوابها يومياً أمام روادها ومحبيها وصاحب المجلس هو المتكفل بالنفقة دون مشاركة أحد من أفرادها، والبعض منهم يحافظ على هذه العادة الطيبة والخصلة الحميدة حتى حينما يترك القصيم، وقد كان الوالد محمد بن سليمان بن محمد العُمري -رحمه الله- في بداية سكناه الرياض قبل عام 1350 هـ قد اشترى داراً لسكناه وداراً أخرى للضيوف ولم تكن هذه الدار خاصة بقرابته، بل كانت لكل من يأتي من الجماعة للعمل أو للتجارة المؤقتة في الرياض، وحينما قدم كثير من أصحابه وأهله للرياض أصبحت لديهم «الشبة» وهي جلسة يجتمع فيها التجار والموظفون وأبناؤهم في كل ليلة، كما أن الوالد -رحمه الله- كان له مجلس بعد الظهيرة لموظفي هيئة النظر اعتادوا فيه تقديم التمر والقهوة وشرب اللبن وشيء من الفاكهة وقد روى أحد زملائهم من الكثران «الكثيري» من أهل الحريق أن زملاء العمل اعتاد أهلهم أن يسألوهم حينما يأتون من العمل بقولة مشهورة (تبي غدا ولامار العُمري).
وهناك العديد من الشواهد عن الكرم لدى كل البلدان فليس للمعروف زمان ولا مكان يقول الأستاذ سليمان النقيدان الأديب والراوية -رحمه الله- إن الشيخ عبدالرحمن البازعي -رحمه الله- من أهل الربيعية جنوبي شرق بريدة سكن بالجوف وذلك في العقد السابع من القرن الرابع عشر الهجري وما قبله، وأن البازعي فتح ثلاث مضافات في آن واحد، مضافة للحضر، ومضافة للبدو، ومضافة لعقيل خاصة يجد فيها الوافد المكان المريح والنوم والأكل والشرب. وغيرها من مدن المملكة فيها من رجال الخير والكرم الذين يتوارثون الخصال الطيبة والحميدة.