وإن مديحَ الناسِ حقٌ وباطلُ
ومدحَكَ حقُ ليس فيه كذاب
فأنت تفعل فعلاً إلا ومرماه المجد، وهذا الجد في سبيل المجد، وترك التواني في ذلك يُعد حظا لك سواء نلت مطلوبك أم لم تنله، لأن ذلك آية في علو نفسك وبعد همتك، وحسبك ذلك حظا، فأنت يا فيصل لا تفعل شيئاً إلا ومغزاك المجد.
إياك أعني يا فيصل، فأنت تحمل نفساً أبية كريمة كبيرة لا من الكِبْرِ، أنت تكره الإساءة إلى أهل الفضل والقعود بهم عما يستحقونه
إذا رأيت المسكين جعلتَ
الحزنَ والعبرةَ خليلين لك
رحمة وشفقة بالمسكين، وفيك ثلاث خصال:
الأولى منهن: حب المساكين
والثانية: الحلم
والثالثة: الأناة
ففيصل يعطي المستحقين وذوي القدر قبل أن يسألوه فهو ممن جاد بماله تبرعاً، وكف عن أموال الناس تورعاً.
وفيصل يرى أن الحقد على قدر المذنب، فإن كان حقيراً لم يحقد عليه. فهو غير محجوب عمن يقصده وفضله مبذول للحاضر والغائب، باشر المكارم وتخلّق بها وهو بعد ناشئ وكذلك كان يفعل آباؤه.
فالمراجع تُقِر عينه، بما يشاهده من بشره وطلاقة وجهه وفي خلقه وعمله فرب حال هي في الصعوبة والامتناع وتعذر المنال يدركها ويستطيع حلها ولو بَعُدَ الطريق.
سل عن فيصل بن بندر لتعرفه بالخبر، ولا تحاول معرفته بالمشاهدة، فإنك إن ناقشته غلبك فإن المراجع له بين أمور منها:
- إما طالباً رفده
- أو راغباً في إحسانه
- أو صاحب حق يخشى ضياعه
كل هذا يا فيصل لأنك أمير تهب للناس أنفسهم كما تهب لهم المال، فأنت محبوب ومرغوب عند الكبير والصغير.
فَمِنْ مَالِهِ مالُ الكبيرِ ونَفْسُه
ومن مَالِهِ درُّ الصغيرِ ومَهْدُهُ
إني مبتهج بزيارتك لمحافظتي ابتهاجي بالشباب حتى أنه لم يضرني فقده مع زيارتك، فالكهول بما يلاقونه في ذراك من بشاشة الحياة ونور العدل صاروا شباباً.
وإنكَ للمشكُورُ في كلِّ حالةٍ
ولوْ لمْ يكُنْ إلا البشاشةُ رِفْدُهُ
وهبك الله الأناة والعقل، فالحلم غريزة وجبلة طُبعت عليهما، يقول أحد الحكماء: بالغريزة يتعلق الأدب لا بتقادم السن.
قلت: وبالغريزة يتعلق حسن الخلق، وهذا فيك يا فيصل.
تمنيت يا سمو الأمير أن أكون في استقبالك في محافظتي، ولكن كما قال المتنبي:
سأمضي والسلام عليك مني
مغيبي ليلتي وغدا إيابي
يا فيصل:
دعاني إليك العلم والحلم والحجى
وهذا الكلام النظم والنائل النثر
دعاني إليك ما آثرك الله به من العلم والحلم والعقل وأخلاقك الزاهرة المشرقة في إشراقها وسطوعها وشهرتها.
ولي الأمر وفق في اختيارك أميراً للرياض،
هذا أنت يا فيصل، فرحت المحافظة بزيارتكم فأنت لك روح في ثباته ووقاره ورزانته.
أما أنت يا سعادة المحافظ فقد أحسنت في دعوة الجميع.
أما أنتم يا جماعتي ورفعة رأسي فكعادتكم قمتم بما يجب فأنتم مضرب مثل في الولاء لدولتكم وفي إكرام القادم إلى محافظتكم وأقول لكم:
وتفوح من طيب الثناء روائح
لكم بكل مكانة تستنشق
** **
- رئيس محاكم جازان، عضو مجلس القضاء سابقاً