أيها الأجداد الأعزاء، نحن ننعم اليوم بفضل الله وبفضل مجهوداتكم الكبيرة بدولة مزدهرة وآمنة ومتطورة يطيب فيها العيش، ويشعر فيها كل مواطن بالانتماء إلى الوطن والاعتزاز بمكتسباته.
لقد تطور الاقتصاد وأصبحت المملكة وجهة للأعمال والاستثمار وانتشرت المصانع والمنشآت في جميع المناطق والمحافظات، وتطورت المواصلات براً وبحراً وجواً، ومُدت الطرقات في جميع الاتجاهات، ونشأت المدن، وتطورت القرى، وتوفرت الخدمات للمواطنين في جميع أنحاء المملكة، وازدهرت الأعمال في مختلف القطاعات، وارتفع مستوى الدخل الفردي، وأصبح الناس ينعمون بالرفاه والتمدن ورغد العيش.
كما تطور التعليم وانتشرت المدارس والمعاهد والجامعات، وشجّعت الدولة أبناء وبنات الشعب على الدراسة والتعلم ووفرت لهم أفضل الإمكانيات، فنشأ جيل متعلم من النساء والرجال، وتخرجت من الجامعات كفاءات في الطب والهندسة والتعليم والآداب والفنون والعلوم الإنسانية، وأنشأت الدولة بنية تحتية مزدهرة لتكنولوجيات الاتصال وتبادل المعلومات، وأصبح المجتمع مجتمع معرفة يحرص أفراده على مواكبة كل جديد في العلوم والمعارف.
وبفضل المجهودات الكبيرة التي قامت بها الدولة في التعليم تطورت الثقافة وتغيرت العقليات، فكثر المبدعون والمبدعات وانتشرت نوادي الأدب ودشنت قاعات السينما والمسرح ونظمت المعارض وتوفرت المكتبات، وأصبح من أولويات المواطن حضور الفعاليات والمشاركة فيها، وأولت الدولة عنايتها للرياضة والفنون واحتفت بالمبدعين وكرمتهم، فزاد ذلك من إقبال الناس على الثقافة والفكر.
وبفضل سياسة الدولة نالت المرأة جميع حقوقها، وتمكنت من الدراسة، وتخرجت من الجامعات أجيال من النساء المتعلمات والحائزات على شهادات عليا في جميع التخصصات، وهكذا أصبحت المرأة تساهم في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية مساهمة فعالة، وتعمل جنباً إلى جنب مع الرجل على تحقيق التنمية والتطور.
وقد كان من أولويات الدولة السهر على صحة المواطنين، فشيدت لذلك المستشفيات، وجلبت لها الكفاءات الطبية من جميع أنحاء العالم، ووفرت فيها أحدث الأجهزة، وزودتها بجميع أصناف الأدوية، وسهلت للمواطنين سبل العلاج والتداوي، فكان لكل ذلك أثره في حياة الناس، إذ تحسنت الحالة الصحية للمواطنين وتراجعت الأمراض، خاصة وأن الدولة حريصة على مراقبة المواد الغذائية وعلى العناية بالنظافة وتحسين جودة الحياة لجميع المواطنين.
لقد أصبحت العناية بالبيئة والمحيط من أوكد اهتمامات الدولة، فكثرت الحدائق والمنتزهات الخضراء، وغرست الأشجار في كل مكان، وكثرت واحات النخيل، وأنشئت المنتزهات والحدائق في جميع المدن والمحافظات.
اهتمت الدولة إلى جانب كل ذلك بالسياحة، فأحيت المعالم التراثية واعتنت بالمواقع الأثرية والبيئية، وشيدت أفخم الفنادق والمنتجعات، فأصبحت المملكة وجهة عالمية يزورها السياح من كل بقاع الدنيا وتجذب نجوم العالم لزيارتها والاستمتاع بمناظرها الخلابة ونمط حياتها المميز.
إن ما حققته المملكة من نموٍّ وتطور على كافة الأصعدة زادها رفعة ومكانة بين البلدان، فأصبحت في مصاف الدول المتقدمة، واتخذت لها مكاناً مميزاً في العالم، وأصبحت لها علاقات قوية ببقية الدول، فالمملكة بفضل وضعها الاقتصادي المتطور وسياساتها الخارجية الحكيمة المتوازنة تقدّم المساعدات للدول الضعيفة، وتقدّم الإعانات للشعوب الفقيرة، وتتدخل في الأزمات، وتقوم بدورها الإنساني على أحسن وجه.
أيها الأجداد الأعزاء، إن ما تعيشه المملكة اليوم ما هو إلا تتويج للملحمة التي خضتموها أيام التأسيس وأيام التوحيد وأيام البناء، وها هي ملحمة التقدم والتطور تتواصل اليوم بخطى ثابتة وسريعة بفضل القيادة الحكيمة لخلفكم الملك سلمان بن عبد العزيز أطال الله عمره، ولولي عهده الأمير الملهم محمد بن سلمان الذي يقود البلاد نحو مستقبل أكثر ازدهاراً وتطوراً بحلم سعودي تجسّد في رؤية المملكة 2030 التي ستحقق بإذن الله نقلة نوعية على جميع المستويات.
إن الاحتفال بيوم التأسيس هو مناسبة لنا جميعاً لنعبر عن اعتزازنا وفخرنا بالانتماء إلى هذا الوطن الحبيب، ولنتوجه بالثناء والشكر إلى الأجداد الذين بذلوا حياتهم في سبيل بناء أركان الدولة، ولنعلن لملكنا وولي العهد أننا ندرك بعمق فضلهم ونثمن دورهم الذي حول الحلم إلى حقيقة وجعل من المملكة العربية السعودية نموذجاً يُقتدى ومثالاً يُحتذى ونبراساً به يُهتدى.