منذ ما يقرب من ثلاثة قرون خلت ارتفعت الراية السعودية على يد مؤسس الدولة السعودية الأوَّل الإمام محمد بن سعود، -رحمه الله تعالى- عام 1139هـ الموافق 22 فبراير 1727م، يوم أن أسَّس الدولة السعودية وبدأ جمع شملها تحت راية واحدة، وانطلقت الدولة باسم الله، تحت العلم السعودي المبارك، الذي يمثِّل رمزاً عظيماً للتوحيد والوحدة والتلاحم، ويؤكِّد على ثوابت هذه الدولة وهويتها؛ منذ نشأتها إلى اليوم، وثوابت مجتمعها السعودي المتوحّد تحت هذا الرمز العظيم ماضياً وحاضراً، بحمد الله ومنّه وتوفيقه.
والعلم لكل أمة ودولة هو رمز لها ولقيمها السامية، وهو شارة بارزة لاجتماعها، ووحدة هدفها وغايتها، والعلم الخفَّاق معلم عظيم لحركة الأمة وسكونها، تتحرك مع حركته ورفرفته القلوب حباً وانتماءً، وتتطلع، وتخفق أفئدتهم للموت تحت رايته، وهي تخفق في الوغى، تضحيةً وفداءً، يُقدِّمون أرواحهم على راحاتهم، تحت وقع القنا وخفق البنود؛ لتظل ساريته مرفوعة، وتبقى مكانته مصونة ممنوعة، وتسكن نفوسهم وتطمئن قلوبهم، تحت رايته في السلم والهدوء، أمناً، وأماناً، وسكينة، واستقراراً.
ونظراً لأهمية الراية ودورها الحاسم في المعارك نجد أن العرب يتخذون الراية يحملها أحد الفرسان، وفي الإسلام اتخذ الرسول، صلى الله عليه وسلم، الراية شعاراً يجتمع حوله المسلمون في حروبهم وغزواتهم، وكان مكتوباً عليه: «لا إله إلا الله محمد رسول الله».
ولأهمية العلم والراية، كان الرسول، صلى الله عليه وسلم، يعتني باختيار من يَكِلُ إليه مهمة حمل الراية، يُروى، كما جاء في الحديث المتفق عليه، عن سهل بن سعد؛ «أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال يوم خيبر: لأعطين الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، يفتح الله على يديه، فبات الناس يدوكون ليلتهم أيهم يُعطاها، فلما أصبحوا غدوا على رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وكلهم يرجو أن يعطاها، فقال: أين علي ابن أبي طالب؟ فقيل هو يشتكي عينيه.
فأرسلوا إليه فأتى به، فبصق في عينيه، ودعا له فبرأ كأن لم يكن به وجع، فأعطاه الراية، فقال: انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم، ثم ادعهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله تعالى فيه، فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خيرٌ لك من حمر النعم».
وفي غزوة مؤتة قتل ثلاثة من القادة الصحابة الذين كلَّفهم الرسول، صلى الله عليه وسلم، بالقيادة وحمل الراية دفاعاً عن راية الإسلام الواحد تلو الآخر، وهم زيد بن حارثة ثم جعفر بن أبي طالب، الذي قُطعت يده اليمنى وهي تحمل الراية فحافظ عليها وأخذها باليسرى فقطعت، فحافظ عليها بذراعيه إلى أن قتل، فأخذها عبد الله بن رواحة إلى أن قتل، رضي الله عنهم وأرضاهم.
ولقد انطلق وطننا العزيز، تحت راية علمه المتميز المبارك برمزيته الخالدة وهو يحمل العروة الوثقى؛ كلمة التوحيد العظيمة «لا إله إلا الله محمد رسول الله، انطلق منذ تأسيسه إلى اليوم في عهده الزاهر المزدهر، عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود رئيس مجلس الوزراء -حفظهما الله - يعمل ويتقدم ويتفوق ويتألق رخاء وعطاء، وينعم الوطن والمواطن في هذا العهد والعهود السابقة بحياة العزة والكرامة، في ظل أمن مستتب، ورغد باذخ، وحياة مطمئنة.
ومن أهم معاني الاحتفاء بالعلم وتقدير مكانته لدى المواطنين؛ أفراداً وأسراً وجماعات وقبائل، ما يعبر عنه من معاني الانتماء والاجتماع والائتلاف والاتحاد على كلمة واحدة ومنهج واحد وهدف مشترك، والاعتزاز بالهوية الوطنية الراسخة ومعانيها العميقة.
ولا بد ونحن نحتفي بيوم العلم ورمزيته العميقة ودلالاته العظيمة أن نستذكر بكل التقدير والإجلال أولئك الأسلاف العظماء من قادة هذا الوطن وأبنائه وجنوده الأوفياء؛ من معلومين ومجهولين؛ ممن عملوا وعاشوا أو قضوا تحت ظلال العلم كفاحاً وفداءً وتضحيةً، وقدَّموا دماءهم وأرواحهم من أجل عزة الوطن وكرامته وانتصاره والدفاع عنه في مواطن الشرف والفداء.
ولا بد أن نستشعر قيمة هذا العلم، والتفاني في خدمة ما يرمز له من وطن عزيز ومعان خيّرة وقيم نبيلة وأهداف سامية.
حفظ الله بلادنا المملكة العربية السعودية قيادةً وشعباً وأرضاً؛ ومكتسباتٍ لتواصل مسيرتها الخيرة الظافرة، وتحقق رسالتها السامية، وتنجز طموحاتها المتوثبة، تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود -حفظه الله - وسمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، رئيس مجلس الوزراء - حفظه الله.