العملية التدريسية هي أسلوب فني خلاَّق بحاجة إلى الابتكار والإبداع، والديمومة والاستمرارية، وذلك لأن المعلمين يجابهون كل يوم وكل سنة مشاكل تحتاج إلى التفكير الخلاَّق والأصالة في تقديم الحلول الناجعة لهذه المشاكل، وبالأخص وهم يتعاملون مع طلاب وطالبات متنوعي الإمكانيات والقدرات والمواهب والبيئات، ونماذج متعددة من أولياء الأمور، ويمكنني القول بأن المعلمين والمعلمات في مدارس مملكتنا الحبيبة من دون استثناء ينفردون بالخبرات الثقافية وكل ما يؤدي إلى الرفع من مستوى عملية التعليم والتعلم وزيادة وتيرة الطاقات الإنتاجية والإبداعية.
وأنا أقول هذا الكلام من واقع التجربة والخبرة، كولي أمر أمارس عملية المتابعة والرصد لتعامل المعلمين والمعلمات مع أبنائي وبناتي في مختلف المراحل التعليمية.
ولا بد من تسجيل كلمة تقدير وشكر وثناء إلى كل المعلمين والمعلمات في وزارة التعليم بمناسبة ختام العام الدراسي -1444 1445هـ، الذين يقومون بجهود كبيرة وعظيمة مستمرة، لتحقيق الأهداف التربوية والتعليمية وفلسفتها لأبنائنا وبناتنا، وأستذكر هنا ما قاله خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز - أيَّده الله- خلال استقباله وزير التعليم السابق الدكتور عزام الدخيل، وعدداً من قيادات الوزارة: «التعليم عندنا في تطور كامل، وهناك تتذكرون في الماضي كان الذي يجيء معه خطاب يذهب ليبحث له عن (المطوع) إمام المسجد من أجل يقرأ له خطابه. الآن الحمد لله ما عندنا واحد أو واحدة إلا تقرأ وتكتب وتتعلّم، الجامعات كما ترون الآن -الحمد لله - في كل مكان، في كل منطقة جامعة أو جامعتين أو ثلاث، المدارس في كل محل».
قد تكون مهنة التدريس من أصعب الأعمال المهنية على الإطلاق، فهذا المربي الفاضل والمربية الفاضلة مطلوب منهما أن يكونا في جميع الحلقات التربوية والحصص الدراسية بنفس الأداء والأسلوب وملامح وجههما تنبض بالعطف والابتسامة رغم تنهيدات التعب والإرهاق البدني والنفسي التي يواريهما ويدفنهما، مطلوب منهما أن يشعلا وهج العلم والتربية لأبنائنا الطلاب وبناتنا الطالبات، ويقدّمان لهم بسخاء الماء والهواء والغذاء التربوي والمعرفي، ويعليان من طاقاتهم، ويتجهان بهم إلى المنازل العالية، ليختاروا فيما بعد المهنة التي يؤدونها اختياراً مبنياً على أسس صحيحة وقواعد سليمة.
لا يمكن أن أتصور أن هناك قلوباً عميقة كعمق المحيطات مثل قلوب المعلمين والمعلمات، الذين مهما قلنا لهم، وكتبنا عنهم، سنظل مقصرين في الواجب نحوهم، ولن يكون بمقدور أي كاتب منا أن ينعت اللآلئ العجيبة المصنوعة من العلم والتربية التي يقتدون بها لأبنائنا الطلاب وبناتنا الطالبات، فوقفة احترام وتبجيل وتقدير أقدمها للمربين والمربيات، فهم وهنَّ في الحقيقة كالنجوم في سماء ساطعة النور.