الرياض - خاص بـ«الجزيرة»:
انتشرت في الآونة الأخيرة ظاهرة تربية الحيوانات والطيور في المنازل، حيث يراها بعضهم نوعاً من التطور والرقي والمباهاة في اقتنائهم لأنواع متميزة من الحيوانات والطيور، وأنها تدخل السعادة والبهجة على صدورهم لكونها تستطيع فعل حركات بهلوانية، كما تستجيب لأوامر أصحابها من البشر، لكنها في المقابل يمكن أن تصبح سببا في الكثير من المخاطر الصحية.
وهو ما يؤكده الأطباء عن خطورة تربية الحيوانات والطيور في المنازل لأضرارها الصحية المتعددة كالحساسية، وغيرها كالربو، والرمد في العين، وحدوث بعض الالتهابات الجلدية.
«الجزيرة» التقت اثنين من المتخصصين في العلوم الشرعية والطبية ليتحدثا عن تلك الظاهرة الآخذة في التزايد بالمجتمع.
ظاهرة منتشرة
يقول الشيخ عبدالله بن صالح العبيلان، مفوض الإفتاء بمنطقة حائل سابقاً، الله جعل لبني آدم مساكن تخصهم وجعل للحيوان وللطير مساكن وحياة تخصه، وهذا من الفطرة التي فطر الله الخلق عليها، وقال تعالى: {قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى}، وقال سبحانه وتعالى: {وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ وَكَلْبُهُم بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ} تنبيهاً مع حاجتهم إليه أنّه لا يخالطهم، قال ابن عبّاس رضي الله عنه» بالوصيد «أي بالباب، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَوَكَّلُونَ عَلَى اللَّهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ لَرُزِقْتُمْ كَمَا يُرْزَقُ الطَّيْرُ، تَغْدُو خِمَاصًا وَتَرُوحُ بِطَانًا»، وقال تعالى: {كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُّسْتَنفِرَةٌ * فَرَّتْ مِن قَسْوَرَةٍ} إشارة إلى الحياة الفطريّة، وبدأ يظهر في مجتمعاتنا بشكل ملفت تربية الحيوانات والطيور داخل المنازل، مختلطة بأصحابها، القطط وطيور الزينة والببغا، وينبغي التنبيه في ذلك إلى أمور:
الأول: ألاّ يكون في ذلك مبالغة في أسعارها، فذلك من الإسراف والترف المذموم.
الثاني: أن لا يهملها فيكون سبباً للإضرار بها فقد روى الشيخان عن أبي هريرة قال قال رسول الله «عُذِّبَتِ امْرَأَةٌ فِي هِرَّةٍ حَبَسَتْهَا حَتَّى مَاتَتْ جُوعًا، فَدَخَلَتْ فِيهَا النَّارَ». قَالَ: فَقَالَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ: «لَا أَنْتِ أَطْعَمْتِيهَا وَلَا سَقَيْتِهَا حِينَ حَبَسْتِيهَا، وَلَا أَنْتِ أَرْسَلْتِيهَا فَأَكَلَتْ مِنْ خَشَاشِ الْأَرْضِ».
الثالث: أن يحذر من مخالطة الأطفال وكبار السن لها، ممن تضعف مناعتهم فقد جاء في دراسات متخصصة، أنّ مخالطة القطط، تسبب مرض القراع الفطري الذي ينتقل من القطط للإنسان، ويمكن للقط أن ينقل العديد من الأمراض الفطرية التي يصاب بها، وذلك لأن الفطريات تنتشر بكثرة في القطط وتسبب بعض المخاطر الصحية، مثل: الحكة المفرطة، وظهور علامات كبيرة وحمراء للغاية ويميل لونها إلى الدم، وهذا دليل على انتقال فطريات القوباء إلى الإنسان، وهكذا الطيور في ظهور أعراض عِدَّة، مثل: العُطاس، وصعوبة التنفُّس، أو الصفير، بالإضافة إلى السُّعال، واحمرار العينَين، وظهور الطفح الجلدي الذي يُثير الحكَّة، واحتقان الأنف وسَيلانه، وبعضهم يربي الكلاب، وقال صلى الله عليه وسلم: «مَنِ اقْتَنَى كَلْبًا إِلَّا كَلْبَ مَاشِيَةٍ، أَوْ كَلْبَ صَيْدٍ نَقَصَ مِنْ عَمَلِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطٌ» متفق عليه، وفي ذلك التنبيه إلى تحريم اتخاذه لغير الصيّد والماشية ونبّه عليه الصلاة والسلام على نجاسة ريقه بقوله: إِذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي إِنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيُرِقْهُ، ثُمَّ لِيَغْسِلْهُ سَبْعَ مِرَارٍ» متفق عليه، وعلى كل حال، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «كُلُّ شَيْءٍ يَلْهُو بِهِ الرَّجُلُ بَاطِلٌ، إِلَّا رَمْيَةَ الرَّجُلِ بِقَوْسِهِ، وَتَأْدِيبَهُ فَرَسَهُ، وَمُلَاعَبَتَهُ امْرَأَتَهُ، فَإِنَّهُنَّ مِنَ الْحَقِّ» رواه أحمد والترمذي، وقوله: باطل أي غير نافع، وليس المراد أنه حرام، ولكن فيه ترغيب من الشارع أن ينشغل العبد بما ينفعه، ولا ينشغل بطير أوحيوان لا حاجة له فيه، فالطير والحيوان له بيئته التي يعيش فيها، وهكذا الإنسان، وقال تعالى: {وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ}.
حساسية الحيوانات
ويوضح الدكتور عادل بن عبدالتواب الشناوي، استشاري الأمراض الصدرية بالرياض: إن حساسية الحيوانات الأليفة شائعة، وهي رد فعل تحسسي للبروتينات الموجودة في الخلايا الجلدية أو لعاب أو بول الحيوانات، وتشمل علامات حساسية الحيوانات الأليفة العلامات شائعة الحدوث عند الإصابة بحمى القش، مثل العطس وترشُّح الأنف، وقد يعاني بعض الأشخاص علامات الربو أيضاً، مثل: الصفير وصعوبة التنفس، وفي أغلب الأحيان يكون السبب وراء حساسية الحيوانات الأليفة التعرض لقشور الجلد الميت(الوبر) للحيوان الأليف، ويمكن لأيّ حيوان ذي فرو أن يكون مصدراً للإصابة بحساسية الحيوانات الأليفة، ولكن تنتشر حالات الإصابة بحساسية الحيوانات الأليفة مع القطط والكلاب أكثر.
ويشير د. عادل الشناوي إلى أن علامات وأعراض التحسس من الحيوانات الأليفة الناتجة عن التهاب الممرات الأنفية، تتضمن ما يلي: العطاس، وسيلان الأنف، وحكَّة، احمرار بالعينين أو زيادة إفراز الدموع بهما، والاحتقان الأنفي، والشعور بحكة في الأنف، سقف الفم أو الحلق، والرشح خلف الأنف، والسعال، وضغط وألم بالوجه، والاستيقاظ المتكرر، وانتفاخ الجلد أسفل العين وظهوره باللون الأزرق، وتكرار الفرك العلوي للأنف في الأطفال، وإذا ساهمت حساسية الحيوانات الأليفة في الربو، قد تشعر أيضاً بصعوبة في التنفُّس، وضيق الصدر أو ألم به، وصوت صفير أو أزيز يُسْمَع عند الزفير، وصعوبة النوم بسبب ضيق النفس أو السعال أو الأزيز.
الأسباب:
ويكشف الدكتور الشناوي استشاري الصدرية العوامل التي تؤدي لحساسية الصدر عند تربية الحيوانات الأليفة، ومنها: حساسية الصدر تنتج عند ملامسة فرو الحيوانات الأليفة أو ريش الطيور، وذلك يتفاعل الجهاز المناعي عند الأشخاص مع المادة التي دخلت بجسمه، وذلك الجسم ينتج مادة بروتينية تحميه من الإصابة، وهي الأجسام المضادة الناتجة عن الجهاز المناعي تعمل على مواجهة أي مادة غريبة تدخل جسم الإنسان، وينتقل عن طريق ملامسة الحيوانات عن قرب أو الطيور فتمر المادة الناتجة عند الملامسة بداخل الجهاز التنفسي فينتج عنه التهاب بالرئة مما يسبب الرشح والعطس المستمر والسعال الجاف الذي لا يستطيع الإنسان التحدث بشكل مريح، وعند تكرار هذه الحالة يؤدي لتراكم كمية كبيرة من بلغم على الصدر ينتج عنه أصوات لا يستطيع الإنسان النوم بشكل مريح منها، وهذه ينتج عنها مرض الربو الشعبي الحاد، وهذا يصيب الأشخاص الذين يعانون بضعف في الجهاز المناعي.
ويضيف د. عادل الشناوي استشاري الصدرية في حديثه قائلاً: تحدث الحساسية عندما يتفاعل جهاز المناعة لديك مع مادة غريبة، مثل: حبوب اللقاح أو العفن أو وبر الحيوانات الأليفة، ويُنتج جهاز المناعة لديك بروتينات تُعرف باسم الأجسام المضادة، وهذه الأجسام المضادة تحميك من المواد الغازيَة غير المرغوب فيها والتي قد تُمرضك أو تسبِّب العدوى، وعندما تكون لديك حساسية، فإن جهاز المناعة الخاص بك يصنع أجساماً مضادة تعرِّف مسبِّبات الحساسية الخاصة بك على أنها شيء ضار، رغم أنها ليست كذلك، وعندما تستنشق المادة المثيرة للحساسية أو تتلامس معها، يستجيب جهاز المناعة لديك وتَنتج عنه استجابة التهابية في الأنف أو الرئتين، وإن التعرًّض لفترات طويلة أو منتظمة للحساسية يمكن أن يسبِّب التهاب مجرى الهواء (المزمن) المستمر مصحوبًا بالربو: حساسية الصدر الناتجة من تربية الحيوانات، والفيروسات الناتجة عن الحيوانات الأليفة تسبب حساسية الصدر مما ينتج عنها العطس المستمر والرشح والتهابات في الشعب الهوائية، وعند زيادة الأعراض عند الحد اللازم يؤدي لتراكم كمية كبيرة من بلغم في الصدر وتهيج بالجهاز التنفسي ويصعب على الشخص التنفس بطريقة طبيعية يؤدي للإصابة بالربو.
وينصح من الأشخاص الذين يعانون من حساسية الحيوانات الأليفة عليك تجنب هذه الحيوانات وتقليل ملامستهم حتى لا تتعرض بالإصابة، وعند إصابة الأشخاص بحساسية الصدر عليه التوجه باستشارة الطبيب لكتابة الأدوية العلاجية التي يجب الالتزام بها لتقليل أعراض الربو وحساسية الصدر.
القطط والكلاب
ويفيد استشاري الأمراض الصدرية بالرياض إلى أنه توجد مُثيرات حساسية القطط والكلاب في خلايا الجلد التي تطرحها (الوبر)، بالإضافة إلى اللعاب، والبول، والعرق، والفرو الخاص بهذه الحيوانات، ويمثل الوبر مشكلة خاصة نظرًا لصغره البالغ، ويمكن أن يظل عالقًا في الهواء لفترات طويلة من الوقت مع أقل دوران للهواء، أيضاً يمكن أن يعلق الوبر بسهولة في الأثاث المُنجد، كما يمكن أن يلتصق بملابسك، ويمكن أن يلتصق لعاب الحيوانات الأليفة بالسجاد، وأغطية الأسرّة، والأثاث، والملابس، ويمكن للعاب الجاف أن يعلق بالهواء، وقد يتساقط وبر أقل من القطط والكلاب التي يُزعم أنها ضعيفة التأريج (ضعيف الإثارة للتحسس)مقارنة بالأنواع الأخرى، ولكن لا يوجد بالفعل سلالات لا تسبب الإصابة بالحساسية، كما تتضمَّن الحيوانات الأليفة القارضة كل من الفئران، والجربوع، والهامستر، وخنازير غينيا، وتوجد المواد المسبِّبة للحساسية في حالة القوارض عادةً في الشعر والوبر واللعاب والبول، وقد يُساهم الغبار الناتج عن الوسخ أو نشارة الخشب في الجزء السفلي من الأقفاص في نشر الموادِّ المسبِّبة للحساسية الناتجة من القوارض جوًّا، وتُوجد الموادُّ المسبِّبة للحساسية في حالة الأرانب في الوبر والشعر واللعاب، ونادرًا ما تحدث الإصابة بالحساسية تجاه الحيوانات الأليفة بسبب الحيوانات التي لا يوجد لديها فراء مثل: الأسماك، والزواحف.