سباق سريع نشهده بين بناء المساكن في الأحياء الجديدة وبين وصول الخدمات إليها، في ظل التوسع المذهل في العاصمة الرياض التي تشهد تزايداً في أعداد السكان، يتزامن معه زيادة الطلب على خدمات الأحياء، حيث لم تعد الآلية الحالية لإيصال الخدمات إلى أحياء مدينة الرياض قادرة على مواكبة هذا التسارع، وجاءت الحاجة الآن أكثر من أي وقت مضى لإيجاد نماذج عمل متنوعة تخدم الأحياء الجديدة، وأصبحت هذه الأحياء تفتقر للكثير من الخدمات الأساسية، وهذا طبيعي نظراً للتسارع الكبير في زيادة المساكن والتوسع الأفقي العمراني.
دعونا نأخذ مثالاً حي الرمال، أحد الأحياء التي تعتبر جديدة في مدينة الرياض الواقع على مدخل الرياض الشرقي على طريق الدمام، وما زال يفتقر للعديد من الخدمات، حيث يفتقد لوجود صرف صحي في أجزاء كبيرة منه، وبحاجة لتصريف الأمطار، وغياب تام للأنسنة من أرصفة وتشجير وحدائق، إضافة إلى قلة مداخل ومخارج الحي، وافتقاده لمركز صحي أو مستشفيات حكومية أو خاصة قريبة منه إضافة إلى ضعف شبكة الاتصال، واختفاء للألياف البصرية، وبعده عن خارطة النقل العام. وبالتالي فإن معدل مستوى جودة الحياة أقل بكثير من الأحياء الأخرى، وهو ما يجعل الحي وكأنه غير مستهدف باستكمال خدماته، ووضعه ضمن الأولويات.
نعم لاشك أن الحي شهد تطورات في بعض الخدمات من إنارة وسفلتة، وافتتاح بعض المدارس، ولكن سرعة اكتمال البناء يجعلنا ننظر بجدية في كيفية مواكبة هذا التسارع الذي يضمن عدم الإخلال بمستوى الخدمات المقدمة، حيث إننا نتطلع لإنشاء بلدية خاصة بحي الرمال، واعتماد عدد من المشاريع التنموية والبلدية فيه بشكل عاجل، ونتفاءل بمرور المشاريع الكبرى مثل المسار الرياضي والرياض الخضراء على الحي.
إن من المهم دراسة إيجاد طرق بديلة لتمويل إيصال الخدمات، سواء من ناحية تحفيز مشاركة القطاع الخاص كجزء من المسؤولية الاجتماعية للشركات، من خلال إطلاق مبادرات نوعية أو تحفيزهم على الاستثمار في اطلاق خدماتهم بالأحياء الجديدة، وأقرب مثال هو إنشاء المراكز الصحية من قبل الشركات الصحية المدرجة في سوق الأسهم، أو أن تقوم شركة بإنشاء حديقة لسكان الحي، أو دعوة القطاع عير الربحي من مؤسسات خيرية للمساهمة في تقديم الخدمات للأحياء، وكذلك أهمية إعادة النظر في تقييم آلية نموذج العمل البلدي الحالي في إطلاق المشاريع الجديدة، ولذلك أتمنى أن يطرح هذا الموضوع بمشاركة الجهات المختصة كافة، مثل الهيئة الملكية لمدينة الرياض، أمانة منطقة الرياض، شركة المياه الوطنية، وزارة الصحة، وغيرها، وكل هذا العمل من شأنه أن يرفع بشكل سريع من جودة الحياة بمدينة الرياض، ويضعها بمصاف المدن العالمية.