لقد أكمل الله سبحانه وتعالى دينه مستوعباً جميع احتياجات الإنسان بصورة دائمة، وجعله رسالة السماء إلى الأرض كاملة نامية، فكانت آية الكمال في القرآن الكريم {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا}، آخر آية نزلت في كتاب الله تعالى وبشرت بأن الإسلام هو خاتم الأديان من الله تعالى، وليس بعده دين. ذلك هو الدين العظيم. من هذه المدرسة النبوية تخرج الجيل الذي تنزهت حياته وتزكي قلوبه وعاش ما عاش مسلسلاً تاريخياً لأعلام هذه الأمة العربية والإسلامية، تنتقل نفحاته الإيمانية وروعته البيانية جيلاً إلى جيل. لقد أخرج أعلام من هذه الأمة الكلام البليغ والأدب الرفيع بموهبتهم الأدبية وأفكارهم الخصبة، حتى إن تاريخ الإسلام اعتبر كل واحد منهم مدرسة أدبية بذاتها، حيث أصبحت لهم مكانة متميزة بين أصحاب العلم والقلم. فكم من عقول تنورت بهم، وكم من نفوس تهذبت بفضل مجهوداتهم المخلصة، وكم من أناس اهتدوا إلى الطريق من خلالهم، وكم من معضلات وجدت طريقها نحو الحلول الصحيحة بفضلهم، إن هؤلاء الرجال إنما كانوا كمنارة نور في حلكة الظلام، وكسفينة نوح في البحر، فكانوا مفخرة العالم الإنساني، في التاريخ البشري، مثّلوا أدواراً مشرقة وخالدة في إسعاد المجتمعات البشرية في العالم، والعودة بالإنسان إلى مصدر حياته ونشأته من جديد. إن أعلام هذه الأمة كانوا صورة صادقة للدين الحنيف، ونماذج رائعة لقوة البيان وجمال التعبير. لقد أخرج أعلام هذه الأمة نوعاً جديداً من الأدب، وهو أدب أهل القلوب يختلف تماماً عن أدب أهل اللسان، يحمل أدبهم من التأثير والبلاغة، وروعة وجمال.