يا رب لك الحمد على كل حال، أجرنا في مصيبتنا واخلفنا خيرًا منها، وارزقنا الصبر واحتساب الأجر والثواب منك - سبحانك، وارزقنا البشرى كما قلت في كتابك (وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ).
ولعل من الأمور المعينِة في هذه المواقف الاستعانة بالصبر والصلاة يقول الله تعالى: (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ) لذا؛ فإن الصبر والتصبُّر خير معينين على تجاوز ألم الفقد ولوعة الفراق، وكذلك كثرة الصلاة معينة على الصبر، وهما طريق من التسليم بقضاء الله تعالى وقدره.
وأحب أن أؤكد على مسألتي الصبر والاحتساب عند الصدمة الأولى، وليس السلوان، لأنه لا يراد من أهل الميت أن يسلوا عن المتوفي، إن استطاعوا، فالسلوان قد يفقد المتوفى فرصًا عظيمة مثل الاستمرار في الدعاء له والصدقة عنه فهو بحاجة ماسَّة ومُلِحَّة إلى بعض الأعمال والطاعات التي تنفعه في قبره كما جاء في الحديث الشريف عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له» رواه مسلم.
كما أنه من الضروري علينا جميعًا أن نتذكر دائمًا بأنّ الخير فيما اختاره الله تعالى لنا، في الحياة، أو الموت وترويض النفس البشرية على تحمُّل مصيبة الموت والإيمان بالقضاء والقدر، ونتذكر هادم اللذات، حتى نكون على صلة دائمة بما سيعين عليه، عند طرق الأبواب، والمطلوب منا جميعًا يتلخص في استعداد النفوس لمثل هذه الأمور بأن نكون جاهزين لقدر الله تعالى، مهما كانت الظروف والأحوال، وأن لا مفر من قدر الله تعالى، إلا إلى قدر الله -سبحانه وتعالى- حتى تهون علينا نوائب الدهر، ولا نجزع ونضع أمام أعيننا إنما الصبر والاحتساب عند الصدمة الأولى، مهما كان مداها، ويكون الصبر قويًّا كلما زاد إيمان الشخص بالله العلي العظيم، وإيمانه بقضائه وقدره، وأن الحياة قصيرة ودار زائلة، والموت حق ويأتي بموجب أجل كتبه الله تعالى للناس عندما يكون الطفل وهو في بطن أمه، وأن أملنا في الله تعالى قويٌّ وجازمٌ أن يلهمنا الصبر والاحتساب ونؤمن أنّ لله تعالى ما أعطى، وله ما أخذ، وكل شيء عنده بأجل مسمى، ولا نعترض البتة على هذا القدر ونصبر ونحتسب والخير فيما اختاره الله تعالى لعباده.
للتذكير:
أهمية وعظم أجر اتباع الجنازة وكثرة المعزين لهم بعد توفيق الله تعالى أثر كبير ومهم في نفوس أهل المتوفى.