طيلة ممارستي للعمل القيادي الكشفي التطوعي الذي يصل إلى أربعة عقود كُنت أحرص على الاستفادة من القيادات الكشفية التي سبقتني للميدان القيادي الكشفي والتركيز على المهارات القيادية والقدرات التواصلية التي يجب على شخصي تعلمها منهم ومن ثم العمل على إتقانها حتى أسهم في تحقيق النجاح والتطور الذي أطمح إليه لشخصي وللمنظومة التي كسبت خدماتي كمتطوع أو حتى في العمل الرسمي الذي يتطلب أن أتصف بصفات القائد لا الإداري، وإن كنت أحياناً أجمع بين الاثنين وفقاً لمتطلبات العمل.
ومن بين القيادات الكشفية التي من حقها على شخصي أن أذكرها وأذكر فضلها القائد الكشفي جابر يحيى علي القحطاني أحد منسوبي النشاط الكشفي في الإدارة العامة للتعليم بمنطقة عسير، وأحد أبرز القيادات الكشفية الملهمة على مستوى الوطن، الذي استفدت منه القدرة على الإشراف وتنظيم العمليات وتحفيز الآخرين والقدرة على التواصل والتفاوض والإقناع وتوفير البيئة المناسبة التي تساعد القادة الكشفيين على تقديم الأداء الأفضل.
كما استفدت وغيري من شخصيته التي تشبعت وتشربت بالعمل الكشفي التربوي قبل أن يقعده المرض – شفاه الله - حيث تميزت تلك الشخصية بالحرص على غرس قيم ومبادئ الحركة الكشفية، ويظهر ذلك جلياً في تصرفاته بقصد أو من غير قصد خاصة فيما تضمنه القانون الكشفي من بنود؛ أو مبادئ تتمثل في الواجب نحو الله، والواجب نحو الآخرين، والواجب نحو الذات، فضلاً عن الطريقة الكشفية بعناصرها التي تدعم أهداف ومبادئ الكشافة، وتخلق نظاماً متماسكاً ومتوازناً للشباب؛ لتجربة الإمكانات الحقيقية للكشافة في بيئة آمنة، من خلال تمكين الشباب ليصبحوا مواطنين نشطين، يكتسبون التعلم مدى الحياة، والمهارات القائمة على القيم المشتركة والتعليم والمتعة والترفيه، وكأني به يستحضر مقولة مؤسس الحركة الكشفية روبرت بادن بأول « الكشافة دواء يتكون من مكونات مختلفة، وإذا لم يتم خلطها بنسبها الصحيحة وفقاً للوصفة الطبية، فلا يلوم المستخدمون الطبيب، إذا كانت النتائج على المريض غير مرضية».
جمعتني بالقائد الكشفي جابر القحطاني العديد من المناسبات داخل المملكة وخارجها، وشدني كثيراً خلال تكليفه بأحد المهام الرئيسة في المخيم الكشفي العربي الرابع والعشرين الذي استضافته المملكة في مدينة الملك فهد الكشفية بالحوية في الطائف خلال الفترة 18-29ربيع الآخر 1421هـ، بمشاركة 1319 كشافاً يمثلون 15 جمعية كشفية عربية، من حرصه على تقديم أفضل أداء والحصول على أعلى النتائج بتوزيعه العمل بكل كفاءة على القيادات الكشفية المكلفة معه بما يتناسب مع قدرات كل واحد منهم وهو ما جعله في الأخير يحصل على الأداء والنتائج الأفضل التي كان يرجوها من رسموا الخطة التنظيمية للمخيم.
حدثني عنه ذات مرة أحد القيادات الكشفية العربية الكبيرة في المكتب الكشفي العربي عن شخصيته وهو يمثل الوطن في إحدى الندوات عام 1429هـ، وحسن اختيار جمعية الكشافة له لتمثيلها في تلك الندوة المتخصصة في خدمة وتنمية المجتمع فكان مما قاله:» نحن أمام شخصية تمتلك القدرة على التفكير بشكل استراتيجي، والتحدث خلال المشاركة بثقة وقدرة على إيصال المعلومة، فضلاً عما يتمتع به من مهارات التخطيط والتنظيم، وإدارة الفريق، ومهارات التغيير والابتكار والتأثير والإقناع».
وقفة:
كم نحن بحاجة إلى الاستفادة من تلك الخبرات وهؤلاء القدوات في العمل الكشفي التطوعي، فمتى يجد أولئك اللفتة التي تأخرت كثيراً؟
** **
@mawdd3