الدبلوماسية الإنسانية بمفهومها الوسيع هو الإنسان، فإن جوهر حركتها هو الإنسان، فهو الغاية والهدف، وهو أيضاً الوسيلة لتحقيق هذه الأهداف وتلك الغايات، حيث إن جوهرها يعتمد على الحوار والتفاوض وتبادل الرأي. ثم امتد المصطلح ليشمل مجالات عدة خاصة بالاقتصاد والاجتماع والثقافة والعلم والتجارة، ومنه العمل الإنساني من أجل الإنسان والإنسانية.
تسعى الدبلوماسية الإنسانية إلى جمع أصحاب الأيادي البيضاء والقلوب الرحيمة مع المحرومين والبائسين والمحتاجين في ظاهرة إنسانية يكون الجميع فيها الأبيض والأسود رابحا، تبعث هذه الظاهرة الإنسانية الجميلة في نفوس المحرومين الطمأنينة والأمل في حياة كريمة.
تهدف الدبلوماسية الإنسانية إلى حشد القدرات وتعزيزالشراكات بين مختلف الأطراف في المجتمع الدولي لأجل تلبية احتياجات المحرومين والمحتاجين، كما تهدف صانعي القرار ولإقناعهم والتعاون معهم لدفع البلاء ورفع المعاناة عن البشرية.
الدبلوماسية الإنسانية ترتبط في جوهرها بالعديد من الأبعاد القيمية والأخلاقية، فهي ترتبط بالإنسان أولاً والعمل على إغاثته وحمايته ثانياً، تقوم فكرة الدبلوماسية الإنسانية في جوهرها، ليس فقط على تقديم الإغاثة الإنسانية في أوقات الكوارث والأزمات الطبيعية، أو في مناطق الحروب والصراعات، ولكن أيضاً على النهوض بالإنسان أينما كان، لذلك تتعدد في إطارها المبادرات التعليمية والصحية والثقافية.
إن الدبلوماسية الإنسانية للمملكة اختطت لنفسها مساريْن متوازييْن، ففي الوقت الذي لم تقتصر فيه على تقديم الإغاثة الإنسانية، بل تشتمل على المبادرات التعليمية والصحية والثقافية، ومبادرات توفيرفرص العمل التي من شأنها تعزيز الكرامة الإنسانية، في شتى المناطق، بغض النظر عن العرق أو الجنس أو الدين أو المذهب أوالهوية أواللغة.
ولقد شهدت العطاء الإنساني من المملكة العربية السعودية تحولات استراتيجية كبيرة شملت الإنسانية والبيئية والجغرافية، وبنت كل مكونات الحياة الاجتماعية والاقتصادية والفكرية والثقافية. تمضي المملكة قدماً في تعزيز دبلوماسيتها الناجحة المرتكزة على دعم العمل الإنساني العالمي.
الدبلوماسية الإنسانية تقنع قادة الرأي وصانعي القرار بالعمل في جميع الأوقات، لصالح الأشخاص الضعفاء، والاحترام الكامل للمبادئ الإنسانية الأساسية. في هذا السياق، نجحت المملكة خلال مساعداتها الإنسانية التي قدمتها وما زالت تقدمها في مختلف أنحاء العالم، حتى أضحت مبادراتها الإنسانية معلماً مميزاً من معالم السياسة الخارجية للبلاد ما يمكن تسميته «الدبلوماسية الإنسانية».