جازمًا أقولُ: إنّ الثقافةَ في كنهِ ممارساتِها تعتمدُ على حالةٍ من الفوضى الخلّاقةِ كمنجزٍ ومعطى يصلُ باختلافِ هويتِه إلى المدركِ لدلالةِ هذا القدومِ والمتفاعلِ معه إيجابًا وسلبًا بعيدًا عن التأطيرِ الذي يقحمُ الثقافة َغالبًا في نوعٍ من المساءلةِ اللامعقولةِ أو غيرِ المنطقيةِ؛ ولهذا نجدُ الفعلَ الثقافيَ مزدهرا في المجتمعاتِ البعيدةِ عن التأسيسِ الهشِ في تكوين ِالإداراتِ الثقافيةِ المنوطِ بها إنجاحَ الكياناتِ المؤسساتيةِ للفعلِ الثقافي، وإبعادِها عن القوالبِ الجامدةِ والنمطية المهلكةِ والتي لا تقومُ على هدى،أوتفتقرُ في أساسِها لمعياريةِ تمكنُها من الرؤيةِ الصحيحةِ وديمومةِ العطاء ِ الفعلي لها لتتصفَ بالجودةِ الحقيقية ِ لا المصطنعةِ في واقعٍ يتأثرُ بشكلٍ مباشرٍ بما تطرحُه هذه الأنساقُ المعرفيةُ التي تقدمُها المؤسسة ُالثقافية ُعند تواجدِ
المنهجيةِ السليمةِ والتي يقومُ وفقَها الأثرُ المرادُ فعلَه أو تركَه والمعتمدِ في الأصلِ على الوعي الحقيقي المفترضِ تواجدُهُ عند من يعملُ في إدارةِ هذه المؤسسات ِبعيدًا عن السِيرِ الأكاديميةِ والتي شكلّتْ من وجهة ِ نظري عائقًا حقيقيًا حالَ دونَ نجاحِ بعضِ من تلك المؤسسات ِ غيرِ فاعلةِ للدورِ المرادِ من تواجدِها كونُها تقعُ في نمطيةٍ معتادةٍ وموسميةٍ مقيتةٍ لا تخرجُ من قُمقمِ التكرارِ وثقلِ السلطويةِ ناهيكَ عن محدوديةِ العلمِ بأهل الشأنِ الثقافي المؤهلين بما لديهم من أثرٍ معرفي ٍّحقيقيٍّ يشفع ُلهم بإثراء ِوإنجاحِ المسؤولياتِ والوجبات ِلهذا الصرحِ. وهو حقٌ لهم قبل أن يكونَ فعلاً حقيقيًا يمثلُ مصداقيةً صادقةً عند المتلقي المعني العالمِ بدلالة ِالحِراكِ ومن يقومُ به ويقدمُه، وما هذا الجفافُ في التنوعِ والإنتاجية المشاهدِ في جُلِ المناشطِ الحديثةِ إلاّ دليلٌ على الوقوعِ في المحظورِ الهادمِ للمرجوِ من ذوي الشأن وجهلٍ بأهل الحلِ والعقدِ في ممارسةِ المثاقفةِ وآلياتِها كونها - والحديث ُ عن الإدارات ِ - لا تملكُ قاعدةَ بياناتٍ تجمع ُ تحت َمظلتِها الانتقائيةَ الحقةَ والشاملةَ لإخراجِ فعلَها ومصاحبةِ النجاحِ والمصداقيةِ له عملًا وغاية، وما كان َهذا ليكون لولا المحدوديةُ والقصرُ المعرفي غيرُ المبررٍ والمتولدُ من نرجسيةِ التواجدِ الأكاديمي في هذه الحالِ واعتدادِها بكامل الأنا لديه رغمَ امتلاءِ الواقعِ بالتعدديةِ الضامنةِ لوصول رسالة ِ الثقافة، كما أُريدَ وأعِدَّ لها ، وتأملوا إنْ شئتم الاستقراءاتِ السابقة والغيرِ بعيدة ِ لجُلِ المناشطِ التي أقيمتْ من قبلِ بعضِ هذه المؤسساتِ المشكلةِ حديثًا ولن تجدوا غيرَ ما ذُكِرَ بل وما يذهبُ إلى ما هو أبعدَ . وهي حالٌ تدعو إلى ضرورة ِ مراجعةِ الآلياتِ والحيثياتِ التي تنطلقُ منها وإليها هذه الكياناتِ؛ لأن الثقافة الحقةَ والقادرةِ على البناء ِ المعرفي مجتمعيًا تقومُ وتثمرُ في الفوضى الخلّاقةِ التي لا تقرُّ بها المنهجية ُالعلميةُ الصرفةُ في التوصيفِ الأكاديمي عند من يديرُ هذه المؤسسات، وهيهاتَ لفراغٍ أن يأتي بغير فراغ.
** **
- عبدالرحمن سابي