الأستاذ الدكتور محمد غانم الرميحي، أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة الكويت مفكر عربي بارز ومرموق وله رصيد كبير من الإنتاج الفكري وصاحب حضور خليجي وعربي كبير وهو بالفعل كما يفضل البعض وصفه بأنه المتحدث باسم مجلس التعاون الخليجي في مجالات الفكر والإبداع والثقافة وطرح ومناقشة القضايا الخليجية، وهو من رواد المدرسة الواقعية في تبني قضايا منطقة الخليج وتحليلها والكتابة عن الواقع الخليجي واستشراف مستقبله، والأستاذ الدكتور محمد غانم الرميحي منحاز دائماً لقضايا منطقة الخليج والمدافع الصلب عنها والمهموم بمشاكلها والجريء في الطرح والمناقشة والساعي لإيجاد الحلول لمختلف القضايا والأزمات التي تعصف بالمنطقة وإقليم الشرق الأوسط.
الأستاذ الدكتور محمد غانم الرميحي علاقته العملية والأكاديمية بالفكر والإعلام قديمة، فبالإضافة إلى كونه أستاذًا مرموقاً في جامعة الكويت، فقد ترأس في ثمانينيات القرن العشرين رئاسة تحرير مجلة العربي الكويتية، أكثر المجلات العربية رصانة وانتشارًا ويعرفها القارئ العربي من المحيط إلى الخليج وظلت متربعة على عرش المجلات العربية فترة زمنية طويلة ومازالت تصدر حتى الآن رغم تحيات الإعلام المرئي والاليكتروني وتستمد شهرتها واستمرارها من فترة النضج والانتشار التي تحقق لها منذ انطلاقتها في عهد رئيس تحريرها المؤسس المرحوم أحمد زكي، ثم الكاتب والصحفي أحمد بهاء الدين ، وكان رئيس التحرير الثالث لهذه المجلة، والكويتي الأول هو الأستاذ الدكتور محمد غانم الرميحي الذي استمرت في عهده المجلة بنفس قوة وانتشار وتأثير من سبقوه في رئاسة التحرير ، بل أضاف إليها الكثير من عنصر القوة والجذب وجعلها تستمر في ريادتها وتفوقها، وكانت أحد مصادر القوة الناعمة الكويتية.
الدكتور محمد الرميحي مفكر من طراز فريد فهو أستاذ علم اجتماع سياسي وعلى إطلاع واسع جدًا بالشأن الخليجي ومتواجد في مناقشة حاضره ومستقبله ومتتبع لقضاياه وتطلعات شعبه، لذلك فهو يكتب في الشأن الخليجي سواء في الصحف العربية المرموقة أو المجلات والدورية الرصينة وهو يتكئ على مخزون كبير جدا من المعرفة والوعي والدراية بأوضاع المنطقة، ويمتزج هذا المخزون برؤية استشرافية ثاقبة يجترها من العلم بتاريخ المنطقة، كما أنه متتبع وراصد لمسيرتها مع التنمية والبناء ونهضتها الشاملة التي بدأت مع ما يسمى بعصر النفط، وبالقدر نفسه فهو يقف على حقيقة التحديات والمخاطر المحيطة بمنطقة الخليج العربي وقدرة دولها على مواجهة هذه التحديات، لذلك نجد له نظرة شاملة وموضوعية عند مناقشة التحديات والمخاطر المحدقة بدول مجلس التعاون الخليجي، وبالدرجة نفسها من الموضوعية والحياد يبحث عن الحلول التي تخدم دول مجلس التعاون ككل دون الانحياز إلى تقسيمات جغرافية، أو سياسية، أو إدارية، بل رؤية تصب في صالح المنطقة وتمكنها من تجاوز التحديات التي تستهدفها في ظل الصراعات الإقليمية والتجاذبات الدولية ومع إرهاصات تشكل النظام العالمي الجديد، لذلك فهو يرى وحدة التحديات التي تواجه دول مجلس التعاون الخليجي، ويقف مع الحلول الجماعية التي تجعل دول المجلس قادرة على مواجهة هذه التحديات وتجاوزها بما يحقق تأمين دول مجلس التعاون الخليجي، وتحقيق الرفاهية والاستقرار لشعوبها، وهو في ذلك يدرك تمامًا مصادر التهديدات الإقليمية وأسبابها ودوافعها ومن ثم كيفية مواجهتها، ومن ثم تجد له مواقف واضحة تجاه التوتر الذي يعتري العلاقات الخليجية / الإيرانية ويرصد بدقة مصادر هذا التوتر ومنطلقاته وكيفية العمل على التهدئة والاستقرار على ضفتي الخليج العربي.
كما أن الدكتور محمد الرميحي على دراية دقيقة بالتركيبة العمرية لسكان دول مجلس التعاون الخليجي ومن ثم متطلبات هذه الشرائح خاصة شريحة الشباب ومن ثم مستقبل شعوب دول المنطقة، كما يناقش أهمية تنويع مصادر الدخل وتوسيع القاعدة الاقتصادية لدول مجلس التعاون الخليجي، وأيضا مخرجات التعليم وطبيعة وتوجهات التعليم نفسه ليكون رافدًا من روافد التنمية وحلقة من حلقات توسيع القاعدة الاقتصادية الخليجية وكذلك تعديل التركيبة السكانية في عدد من دول المجلس التي تتضح فيها هذه المعضلة، أي أن الدكتور الرميحي قريب جدًا من جميع القضايا الخليجية ومهموم بها ومتفاعل معها.
ومن خلال متابعتي الدقيقة والقديمة للدكتور محمد الرميحي وأفكاره وكتاباته إضافة إلى متابعة ما يكتب بصفة دائمة في مجلة (آراء حول الخليج) فيمكن القول وبكل موضوعية إن الأستاذ الدكتور محمد الرميحي مثقف شامل ومفكر متنوع المعارف ومعايش وراصد لقضايا منطقة الخليج العربي والقضايا العربية المختلفة، وهو يقترح الحلول الواقعية برؤى متزنة دون شطط أو انفعال عندما يتعرض لمناقشة القضايا والتحديات وكيفية التعامل معها.
ولقد نال الأستاذ الدكتور محمد غانم الرميحي الكثير من التكريم خلال مسيرته الممتدة - أطال الله عمره - وقد نال ذلك عن جدارة وهو تكريم صادف أهله، بل يستحق المزيد من التكريم من الجهات المعنية سواء في بلده الكويت، أو من دول مجلس التعاون الخليجي والدول العربية قاطبة خاصة أنه يكتب كثيرًا ويناقش الشأن الخليجي والعربي، بل أن مقالاته في مجلة (آراء حول الخليج) الشهرية التي تصدر عن مركز الخليج للأبحاث التي تنشر له مقالات بصفة دورية، ذات قيمة كبرى وسبق أن صدر له كتابين عن مقالاته المنشورة في هذه المجلة.. وما زال نهر العطاء متدفق لدى المفكر الكبير الأستاذ الدكتور محمد غانم الرميحي.
** **
جمال أمين همام - مدير تحرير مجلة آراء حول الخليج