- أول ما عرفت الرميحي من خلال أطروحته عن البحرين. ثم من مقالاته الرائعة والاستشرافية بمجلة العربي وفي الصحف السيارة على مدى عقود. وصرنا نقصده عندما ترأس مجلس الفنون والآداب بالكويت. وهو من ذلك الجيل من الكويتيين الذين أسهموا من مواقع متقدمة في صنع المؤسسات الثقافية الكبيرة، وفي استقطاب المثقفين العرب الكبار على مدى عقود للكويت في أجواء من الحرية والإبداع والتنوير الفكري.
- منذ حوالي أربعين عاماً أقرأ للصديق الرميحي رؤاه وآراءه سواء في المجال العربي أو الدولي، واستراتيجيات التغيير. وعندما ألقاه أستمع إليه فأفيد من ثقافته الواسعة، واختيارات الفكرية، وبصيرته ذات الأبعاد المستقبلية.
- وإلى المثقف والمفكر البارز، خبرتُ الرميحي الصديق. وما كان يجمعنا نحن المثقفين على اختلاف فئاتنا بالكويت فقط؛ بل وفي بيروت أيضاً. هو يمتلك آراء وتوجهات ورؤى للإصلاح لكنه في صداقته ومودته لا يستثني أحداً حتى عندما كان يتولى مهامّ أكاديمية ثقافية عامة تتطلب الاختصاص وتتطلب القدرة على إنتاج الجديد والمتقدم. عرفته حافظاً للصداقة، كريماً في التعامل، وقد ظلَّ إنسانياً حتى مع من تنكروا للكويت في أزمتها الشهيرة مع عراق صدّام. وهو بسبب عقلية الحداثة والكفاءة العالية عنده ما اعتبر نفسه ولا عمله الدؤوب مركز قوةٍ أو تفرقةٍ وتمييز. وقد شهدتُه في أحلك الظروف يتضامن مع من يعرف ومن لا يعرف من الزملاء على اختلاف الآراء والأخلاق والأمزجة.
- بعد خمسين عاماً ونيفاً في عمل محمد الرميحي الفكري والاجتماعي والتنموي والسياسي أردتُ بهذه السطور الموجزة أن أكتب شهادةً في الرميحي أحد أعلام الفكر العربي المعاصر، وفي محمد الرميحي صانع السياسات الثقافية والإستراتيجية، وأولاً وآخراً في محمد الرميحي الأخ والصديق والإنسان الكبير.
- قبل ثلاثة أسابيع تحدث إليّ الأستاذ الرميحي حديثَ العارف والواثق بقدرتنا رغم الحصارات المتعددة والمتكاثرة على الخروج من مآزق العجز وسياسات الاستهداف، وإنجاح تجربة الدولة الوطنية العربية المتجددة. كتب الرميحي يوم 30/11/2024 في جريدة «الشرق الأوسط» متفائلاً بالقمة الخليجية القادمة التي تبشر بالجدي وصانع المستقبل الواعد. فليبق هذا الفكر الوقّاد وهذه العزيمة التي لا تتردد، وهذه النفس المشرقة بالأمل والكبيرة بالعمل.
** **
- رضوان السيد