ليس بالضرورة أن تكسب احترام الآخرين لأنك تعلّمت أكثر منهم ونلت أعلى المؤهلات والمناصب والمراتب التي لم تسعفهم قدراتهم أو ظروفهم لنيلها.
وربما يغفل البعض عن كون الاحترام والتقدير صدىً ارتدادياً، ناجماً عن بثّ روح الكائن المُحتَرَم طاقة تصلّ إليك فتجذبك للتعرف عليه والتواصل معه.
منذ أسعفني شغفي القرائي بالتعرف على عالم الاجتماع الدكتور محمد بن غانم الرميحي، وهناك همزة وصل من عاطفة وأفكار وإعجاب وصداقة محضني إياها، فتوطّدت علاقتنا وتعززت بثقة متبادلة.
ومن دواعي سروري بهذه الصداقة بين شيخ ومريد، وعالِم وطالب، أن أكتشف في شخصية الدكتور الرميحي الجديد، فعلم الاجتماع السياسي يفرض نفسه بحكم المستجدات والتحولات، وأجد عنده لكل سؤال أكثر من إجابة، وهو العفوي في طرحه والعميق في استنتاجاته وربما لعفويته أثر كبير في محبيه.
بصمة الدكتور محمد الرميحي في الحياة حضارية، فهو صادق ولذا تحلم به صديقاً، فصداقته لا حدود لها بحكم إنسانيته النقيّة، وهو بحكم عنصر الريف في شخصيته صاحب حدس لا يخيب، ولذا سهل على المُحبّ الوصول لقلبه، صعب الخروج من دائرة تقديره واحترامه وتبجيله.
هذا العالم الأشمّ يتقاطع مع علماء اجتماع عرب وعالميين في كونهم مهجوسين بنشر المعرفة نخبويّاً وشعبيّاً، ولذا فيه من التبسط والمودّة ما يغري بحفظ ما يقول من مصطلحات وأطروحات عسرة أحياناً، لكنه يقدمها بمنطق يشبه منطق علماء أصول الفقه، ولغة تقارب لغة الشعراء، وروح مليئة بحُبّ الخير للغير.
محمد الرميحي مدرسة أخلاق ووعي وفتح آفاق معرفية، جعل من الشقيقة الكويت محجّاً للنخب الفكرية والإبداعية بفضل مكانته عند المسؤولين وعند المثقفين، ونجح في عقد أبرز المؤتمرات والندوات التي ربما لم يحالف الحظّ عشرات ممن أتيحت لهم الفرص فألهتهم نرجسيتهم عمّا يجب عليهم وطنيّاً وإنسانياً.
هذه المبادرة التكريمية من الجزيرة الثقافية تستحق الاحترام مرتين؛ مرة لأنها تعرف قدر ومكانة الكبار، ومرة لأنها أحسنت بي الظن لأردّ للدكتور الرميحي ولها بعض الجميل، علماً بأنني (كلما جئتها أردّ ديوني، أكرمتني فحاصرتني الديون).
** **
- د. علي بن محمد الرباعي