مثَّلت مجلة العربي الكويتية منذ صدروها أواخر خمسينات القرن الماضي منارة علمية أضاءت ردهات العالم العربي والعالم كله، فهي مجلة رائدة على المستوى الزمنى من جهة عندما ظهرت في مرحلة زمنية مبكرة، ومن جهة أخرى على مستوى الفكر والثقافة والمعرفة الرصينة الهادئة خاصة في سنواتها الأولى حين كان العالم العربي يضطرم بالشعارات بينما استمرت العربي محافظة على خط ثقافي متزن لم يفقد بوصلته التي اتجهت دائمًا لهموم العالم العربي الثقافية والمعرفية والفكرية.
إن قدرة القائمين على العربي بمختلف مراحلها الزمنية على مقاربة ما يعني الإنسان العربي بشكل مباشر والتركيز عليه وفق إستراتيجية واضحة المعالم جعلت منها المجلة العربية الأولى سنوات طويلة ولا تزال إذْ لا تخلو ذاكرة الإنسان العربي البسيط فضلاً عن المعني بالثقافة والفكر من مجلة العربي عبر قضية أدبية تراثية أو حديثة أو قصيدة عذبة أو قصة قصيرة أو قراءة نقدية أو تعريف بمدينة عربية أو كتاب وغير ذلك، ويتكرس هذا الحضور ويزداد كثافة بانشغال الصحافة العربية إجمالًا وربما غرقها بالصراعات والمشاحنات التي تبدأ ولا تنتهي ما نفر القارئ العربي وصرف نظره ومتابعته.
يقال إن العرب اتفقوا على ألا يتفقوا، أو على الأقل العرب نادرًا ما اتفقوا، لكن المفارقة أنهم اتفقوا على مجلة العربي فباتت مجلة العرب فعلًا وعلى أرض الواقع حيث لا تكاد تذهب إلى دولة عربية ولا تجد مجلة العربي في مكتباتها وجامعاتها وبين أيدي أبنائها. ومع مرور الزمن تماهى القائمون على العربي مع المتغيرات ونشطوا في نشر المجلة في أوعية إليكترونية تسهل وصولها للقراء والمحبين.
** **
- د. محمد بن خليفة الخزّي