قبل زيارتي الأولى -لأداء مناسك العمرة مع عائلتي- لم يكن لدي أي فكرة واضحة عن المملكة العربية السعودية. في أول مرة قابلت فيها شخصًا سعوديا كان في مطار المدينة المنورة. كان جميع الرجال السعوديين يرتدون ملابس رائعة: الثوب، الشماغ، والعقال. كيف كانت تبدو جميلة مقارنة ببقية الناس الذين كانوا يرتدون قمصانًا عادية وبناطيل جينز. أما النساء فكن يرتدين عباءات أنيقة وباللون الأسود المفضل لدي.
بالاضافة إلى المظهر، أصابني العاملون في المطار في قسم الجوازات بلطفهم وتهذيبهم. رحبوا بي بكلمات «حياكم الله»، وفي تلك اللحظة لم أكن أعرف أنه يجب علي الرد بـ«الله يحييك»، فكنت قد اكتفيت بابتسامة فقط.
ثم أصبح كل شيء أكثر إثارة. كلما تعرفت على السعودية أكثر، زاد حبي لها؛ وحتى اليوم، لا أزال مندهشة من جمال هذا البلد العظيم. وكلما استمعت إلى اللغة العربية، زادت رغبتي في تعلمها، وفي يوم ما التحدث بها كالسعوديين.
بعد أداء مناسك العمرة، عدنا إلى وطننا - طاجيكستان الجميلة والخلابة. لكن روحي كانت تشتاق للسعودية لفترة طويلة. بدأت في البحث عن طرق لتعلم اللغة العربية تحديدًا في المملكة العربية السعودية. ولحسن حظي، وجدت برنامجًا من مجمع الملك سلمان ومن مركز «أبجد» لتعلم اللغة العربية. ومن حسن حظي الكبير تم قبولي في البرنامج، وأنا الآن في المراحل النهائية من دراستي.
خلال فترة دراستي، تعرفت على الثقافة السعودية، والعادات، والتقاليد، وزرت العديد من الأماكن التاريخية والمعاصرة، وقضيت بعض الوقت مع أسرة سعودية، حتى أنني حضرت حفل زفاف سعودي. كان جميع المعلمين يعاملونني ليس كطالبة، بل كأخت وصديقة. كانوا يساعدونني ويستمرون في مساعدتي في حل جميع المسائل الحياتية، وليس فقط الاكاديمية. هم بالنسبة لي كأشعة شمس دافئة، تدفئ روحي. كانت هذه أفضل 8 أشهر في حياتي. وأمامنا، إن شاء الله، أعتقد أن هناك المزيد من الأحداث المثيرة في هذا البلد الجميل.
ماذا تعني لي السعودية؟
عندما يقول أحدهم «السعودية»، يتبادر إلى ذهني على الفور اللون الاخضر. ربما يكون ذلك مرتبطًا بالعلم الأخضر للمملكة العربية السعودية. إنها بلاد النخيل، مهد الإسلام، مكان ولادة نبينا الحبيب محمد (صلى الله عليه وسلم). هي المكان الذي بسعى كل مسلم للوصول إليه، بعضهم يدخر طوال حياته ليتمكن من زيارة الأماكن المقدسة التي تحتفظ بها المملكة العربية السعودية هي منزل السعوديين الرائعين، المنفتحين والمضيافين، وهي وطن لجميع المسلمين الذين يرغبون في الاقامة وبناء حياتهم في هذه البلاد. السعودية هي التمر والقهوة السعودية، هي رائحة البخور والعطور، هي الحرمان الشريفان، هي قبلة المسلمين، هي بلد الطبيعة الجميلة والمتنوعة، وهي بلد ذو تاريخ غني وعميق. السعودية هي وطن روحي، وأينما ذهبت، سأظل دائمًا أحمل في قلبي نجد والحجاز والمجد.
يقول الشاعر غازي القصيبي:
أجل، نحن الحجاز ونحن نجد
هنا مجد لنا وهناك مجد
ونحن جزيرة العرب افتداها
ويفتد يها غطارفة وأسد
من المهم أيضًا أن نلاحظ أن سخاء السعوديين لا يوصف. إنهم يذكرونني بمواطنيّ الطيبين من طاجيكستان، الذين يكرمون الضيوف ويحترمونهم كثيرًا. لن يتركوك أبدًا دون هدية، وإذا كنت بحاجة إلى مساعدة، فلن يرفضوا طلبك أبدًا. على سبيل المثال، إذا كنت تسير في الشارع وفجأة لاحظت أنك ضعت، يمكنك بكل أمان أن تسأل السكان المحليين - سيسرون بإرشادك إلى الطرق الصحيحة، وربما يرافقونك حتى تصل إلى المكان المطلوب. وكل هذا الخير يفعلونه بقلب مفتوح وابتسامة على وجوههم، مما يعطيك شعورًا بقيمة استثنائية لنفسك. هكذا هم السعوديون. لهذا السبب أحبهم كثيرًا وأريد أن أبني حياتي إلى جانبهم.
هناك العديد من الجماليات في المملكة العربية السعودية لدرجة أنه من المستحيل عدّ كل شيء. لايكفي فقط أن تأتي وترى كل ذلك بعينيك وتشعر بكل هذا الدفء واللطف والجمال والسخاء في قلبك وروحك.
** **
- مولودة سعدالله