تبلور الوضع الاقتصادي للمرأة في الدرعية على سد الحوائج وتوفير الضروريات على الرغم من وجود بعض الصناعات والمهن الرجالية والمنتجات الزراعية التي أسهمت في ازدهار التجارة والاقتصاد محلياً وخارجياً، مثل صناعة البنادق الأسلحة المحلاة بالذهب والفضة، وبيع التمور والألبان والصناعات الحرفية والجلدية، وبعض المنسوجات القطنية والصوفية والملابس وغيرها وبيعها في الأسواق. وقد كان السوق في الدرعية «سوق الموسم» عبارة عن دكاكين أو مباسط صغيرة، وقد أشار ابن بشر في كتابه (عنوان المجد في تاريخ (نجد) إلى ازدهار التجارة والبيع والشراء في الدرعية في عهد الإمام سعود بن عبد العزيز، وذكر بأن هناك موسما للرجال في جانب وموسما للنساء في جانب.
كما وضعن بعض النساء دكاكين صغيرة في منازلهن لبيع بعض الاحتياجات اليومية، وبعضهن حملن بضائعهن على رؤوسهن ومررن على بيوت الميسورين لبيع منتجاتهن، وقد عرف هؤلاء النساء المتجولات بـ الدلالة أو الجلابة».
ومن الأنشطة الاقتصادية التي زاولتها المرأة الزراعة، ولكن في نطاق محدود لأن بعض الأمور تكون من اختصاص الرجل كالحرث والسقي وغيرهما. وقد زاولت المرأة أيضاً في الدرعية خياطة الملابس من المنسوجات القطنية والصوف المستورد من المراكز التجارية القريبة. كذلك استفادت المرأة من سف الخوص، حيث يجمع جريد النخل، ثم يقص ويفرش على الأرض حتى يجف، ثم تصنع منه العديد من المنتجات البدائية، مثل: الزبلان والمهاف والمحادر والمكانس وغيرها. ومن الأعمال التي أدتها المرأة لكسب المال جمع الحطب وتقطيعه وبيعه، وقد قامت المرأة ببيع بعض البهارات المختلفة مثل الفلفل، إذ قمن بتيبيسه ثم طحنه وخلطه مع الليمون الجاف ثم بيعه.
وقد لبسن زوجات الإمام سعود بن عبد العزيز الحرير الهندي المذهب بجميع ألوانه، ففي فصل الشتاء يلبسن البز، وهو من أجود أنواع الحرير الذي يجلب من الشام، وفي فصل الصيف يلبسن البز.
ويتزين نساء نجد في الغالب بالحلي المرصع بالجواهر النفيسة مثل اللؤلؤ والياقوت والفيروز، فقد كان حلي زوجات الإمام عبد الله بن سعود الجواهر من الياقوت واللؤلؤ ونادراً ما يتزين بالذهب. وقد يلبسن النساء الخلاخل في أقدامهن. ومن زينة النساء أيضاً الكحل والحناء حيث تصبغ به الأظافر وقبضة اليد، وترفع شعورهن بالضفائر المزينة باللؤلؤ والجواهر، ويتطيبن بعطر مصنوع من المسك والعنبر.
دور المرأة الثقافي
لقد تهيأت للدرعية بصفتها عاصمة الدولة عوامل جذب سياسية وعلمية واقتصادية وغيرها ساهمت في زيادة عدد سكانها، وقد كان الجانب العلمي من أكثر جوانب الجذب فيها، مما أسهم بوجود تعليم تثقيفي مبني على التلقين - إن صح التعبير - في الدرعية.
أشارت بعض المصادر والمراجع إلى تعليم المرأة في الدرعية، مبينة حرص أئمة الدولة السعودية الأولى على تثقيفهن وتعليمهن أصول الدين، إذ قام الإمام محمد بن سعود ببناء مسجد كبير في الدرعية تلقى فيه دروس على الرجال والنساء صباحاً ومساءً. وقد واصل أئمة الدولة بعد الإمام محمد بن سعود تثقيف العامة خصوصاً النساء، حيث بنى الإمام عبدالعزيز حول مسجد البجيري مجمعاً جعل فيه قسماً للنساء يلقي فيه الفقهاء دروس العلم والمعرفة. فهناك من نساء الدرعية من تعلمن القراءة والكتابة، ونبغن في العلم، وأتقن الخط.
المرأة والشعر
عاصرت المرأة في تلك الحقبة تغيرات سياسية واجتماعية حاسمة حركت مشاعر الشاعرات، فشاركن بالبيان الرجال الذين يخوضون الحروب بالسنان، ولعل من أبرز الشاعرات اللاتي حفظت لهن قصائد حماس وفخر بالغزاة والفرسان الشاعرة موضي بنت سعد بن عبد الله الدهلاوي، أسهمت بشعرها الحماسي في تحفيز وحثّ المدافعين للصمود أمام قوات القوات العثمانية المعتدية في حصار الرس، وقد قالت تلك القصيدة.
هيه يا راكبٍ حمرا ظهيره
تزعج الكور نابية السنام
سر وملفاك للعوجا مسيره
ديرة الشيخ بلّغه السلام
ياهل الحزم يا نعم الذخيره
ان لقاكم من الباشه علام
ادعو الله ولا تدعون غيره
واعرفوا ما من الميتة سلام
عند سوره نخلّي كالمطيره
لي تحالى الردي حلو المنام
في يدينا السيوف اللّي شطيره
تنزع الروس وتقص العظام
والفرنجي سريعات الذخيره
تلفظه مثل سيقان النعام
السكن
اعتادت الزوجة بأن تكون هي المتصرفة في شؤون البيت، ويكون وضع السكن مبنياً على حالة الزوج المادية، وعادة ما تكون الأعمال المنزلية لدى نساء الدرعية متشابهة، حيث يقمن بتنظيف البيت وترتيبه وغسل الملابس وحياكتها، كذلك تربية بعض المواشي والدجاج والطيور والاستفادة منها، وإرضاع صغار الماشية وجمع الحطب وتقطيعه من أجل إعداد الطعام.
الأطعمة في الدرعية
تعد نساء الدرعية الأطعمة باعتبار ذلك من واجباتهن تجاه الزوج والأسرة، ومن المأكولات الرئيسية في نجد والدرعية ما يلي:
- الحنطة: وهي طعامهم الرئيسي، حيث تجرش أو تطحن، ثم تطبخ كالأرز، وقد تدهن بالدهن والثريد ويكون مصنوعا من الخبز، ويضاف إليه اللحم أو السمن أو غيره، وقد ذكر الريكي أن الإمام عبد العزيز بن محمد كان يفضل أكله.
- الجريشة: وهي أكلة شعبية تعد عن طريق طحن حبوب الحنطة أو القمح بأداة مصنوعة من الأحجار، تشبه الرحى تسمى المجراشة: وهي نفس الرحى ولكن تكون أخف منها حيث تقوم بتكسيره وجرشه فقط.
- الأرز: وقد كان يفضله الإمام سعود بن عبد العزيز أكثر من الحنطة، حيث كان طعامه هو وأبنائه، وقد أحضر طهاة له في بيته من الاحساء والقطيف يعدون له أنواعا أخرى من الأطعمة مثل: اللحوم المقلية، والطيور المحشية، والحلويات الخبيصية بالسكر والبلوج.
والخبز والعصيدة واللحم بأنواعه يعد من أهم الأطعمة في نجد عامة سواء كان مسلوقاً أو مشوياً أو مطبوخاً. وكذلك يقمن بإعداد السمن واللبن والتمر وبعض البهارات المختلفة مثل الفلفل إذ يقمن بتيبيسه ثم طحنه وخلطه مع الليمون الجاف، ومن ثم استخدامه لإضفاء نكهة في بعض المأكولات.
ومن التقاليد المتعارف عليها في نجد ان المرأة لا تأكل مع الرجال حتى يفرغوا من الأكل، وعادة يشاركهن الفتيات والصبيان الذين لم يبلغوا بعد.
أزياء النساء في الدرعية
تستخدم في الدرعية المنسوجات القطنية لصنع ملابس الأهالي، حيث كانت الصناعات اليدوية في مراحلها البدائية فكن نساء الدرعية يلبسن عادة نوعين من الثياب الأول، ثوب أو قميص يسمى الكرباس وهو مصنوع من القطن ويفضلن اللونين الأخضر والأسود، ويجلب لهن من نواحي الأحساء والقطيف والبحرين وجوانب اليمن. والثاني ثوب مصنوع من الحرير عالي الجودة بألوان متعددة. وقد ذكر الريكي في كتابه لمع الشهاب أن الإمام عبد العزيز بن محمد كان يلبس زوجاته الكرباس الأسود، كما يلبسن أيضاً الخز الأحمر الذي يجلب لهن من أطراف حلب وبغداد. كذلك من الأزياء لدى نساء الدرعية ونجد العباءة القيلانية وتلبس عادة عند الخروج أو عند الضيافة، وهي تصنع بنسبة محدودة في الدرعية والاحساء، ولكنها في الغالب تجلب من العراق. كما يلبسن الحرير الهندي الملون الذي تبلغ قيمته أحياناً عشرين ريالا.